من يتابع أخبار الجهود الأمنية المستمرة في محاربة المخدرات ومروجيها يدرك مدى الدور الكبير الذي تقوم به هذه الجهات في مواجهة هذه الحرب الشعواء التي تُشن على بلادنا بصورة منتظمة، ومدى المعاناة الكبيرة التي يعيشها مسؤولو الأمن ورجاله في التصدي لهذه الهجمات المتتابعة.
|
إن العالم كله مستهدف من تجار ومروّجي المخدرات، ولكن جميع التقارير في هذا الشأن تؤكد أن العالم العربي مستهدف بصورة خاصة، وأن المملكة العربية السعودية مستهدفة بصورة أخص، وهنا تصبح مسؤولية الجميع كبيرة جداً، لأن المخدرات حرب على الناس جميعاً صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، مسؤولين وغير مسؤولين، ولأنها داء يعطل القدرات، ويقضي على الطاقات، ويصيب الأجيال بالشلل ذهنياً ونفسياً، ومعنى ذلك أن الخسارة فادحة والعياذ بالله.
|
رجال الأمن يخوضون معاركهم على عدة جبهات، فالإرهاب والجرائم جبهة كبيرة، والمخدرات وما وراءها من مآسي جبهة أخرى لا تقل عن تلك الجبهة، فماذا يفعل الناس لتقديم العون لهذه الجهات التي تواصل سهر ليلها بعمل نهارها؟
|
إن المسؤولية شاملة، تبدأ من المنزل، وتتسع لتشمل الحي، ثم المدينة، وتضم في دائرتها المسجد، والمدرسة، والجامعة، ومؤسسات وشركات القطاع الخاص، والمراكز التجارية العامة، والجهات الحكومية كلها، ومعنى شمولية المسؤولية هنا: أنَّ الجميع يمكن أن يقوم بدورٍ في مكافحة هذا الوباء الوبيل، وأول عمل إيجابي يمكن أن ينفذه الجميع -بدون استثناء- الدعاء المستمر بأن يصد الله عنا وعن المسلمين جميعاً شر هذه الحرب الشعواء، وما الذي يمنع أن تقنت مساجدنا في مواجهة هذه الحرب كما تقنت حينما تحدث الحروب التي تشن عسكريا على بلاد المسلمين؟!.
|
إن كثيراً من الشر يكتنف مجتمعاتنا من حرب المخدرات التي لا هوادة فيها، وهي كما نعلم ونلمس حرب ضروس، تحطم النفوس، وتدفع المتعاطين والمروجين إلى الانتحار وإهدار الأموال، وإزهاق الأنفس بالقتل، وإثارة الخلافات الأسرية التي تمزق شمل الأقارب والأصدقاء بما يحدث من اعتداء على الأعراض وسرقات للمتلكات واغتصاب للأبرياء ذكوراْ وإناثاً.
|
يتحدث الناس في مجالسهم عن وجود متعاطين بينهم من أبناء وبنات أحيائهم ومدارسهم، ومن موظفي دوائرهم وشركاتهم، ومن تجمعات المقاهي، وحلقات اللهو على الشواطئ والأرصفة، ونواصي الشوارع، ومعنى ذلك أنهم يعرفون أولئك المبتلين بهذا الداء، ويسكتون -غالباً- عنهم، ويحجمون عن تقديم معلومات للجهات الأمنية، للجمعيات الأهلية المعنية بمكافحة المخدرات، وهذا تقصير في القيام بالواجب، وتأييد -غير مقصود- لمن يتعاطون أو يروجون، وهو تقصير يسبقه تقصير من بعض الأسر التي تعلم علم اليقين عن تورط بعض أبنائها ثم تسكت عنهم مداراة وخوفا من سوء السمعة اجتماعياً، وهذا ما لا يليق بنا أن نفعله إذا كنا حريصين على حماية بلادنا من آثار هذه الحرب الشرسة.
|
لا بد من العمل الدؤوب على وضع برامج تقوم على التنسيق بين فئات المجتمع جميعها لمواجهة حرب المخدرات الشرسة.
|
ندعو لرجال الأمن بالعون من الله والتوفيق، ولبلادنا وبلاد المسلمين جميعاً بالانتصار الساحق في هذه الحرب الضروس.
|
|
إنَّ من حدَّد الطريق جديرٌ |
بنجاحٍ في دربه وارتقاءِ |
|