دار حديث بيني وبين أحد الشباب - عند لقائي به صدفةً في أحد مطاعم مدينة جدة - عن المشكلات الاجتماعية التي يواجهها الشباب، وفي ثنايا الحديث ذكر لي هذا الشاب أن لديه ولداً وأنه منفصل عن زوجته؛ مما أزعجني وجعلني أتحدث معه عن أهمية وجود طفله بين والديه، وأنه لا بد أن..
..يتنازل عن بعض الأمور من أجل ذلك. وبعد ذلك بأيام طالعتنا إحدى الصحف بتقرير يتحدث عن ارتفاع معدلات الطلاق، خاصةً في منطقة الرياض ومكة المكرمة؛ حيث تشكل نسبة الطلاق ما نسبته 52% من حالات الطلاق المسجلة في المملكة في عام واحد فقط. كما بيَّن التقرير أن منطقة الرياض شهدت أعلى نسبة لحالات الطلاق في المملكة خلال عام؛ حيث وصل عدد حالات الطلاق في منطقة الرياض 7085 حالة طلاق تشكل ما نسبته 29% من إجمالي حالات الطلاق بالمملكة، تليها منطقة مكة المكرمة بإجمالي لحالات الطلاق بلغ 5749 صك طلاق تشكل ما نسبته 23.5% من حالات الطلاق بالمملكة.
إن الطلاق - الذي يعد ظاهرة عامة في جميع المجتمعات - بدأ يزداد في مجتمعاتنا في هذه الأوقات؛ مما يؤدي إلى تفكك الأسرة التي هي أساس ولبنة المجتمع ويجعلها تمر بحالة لا تبعث على الطمأنينة، بالإضافة إلى الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية على الأطفال؛ مما قد يدفع إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك. إننا لا بد أن ندرك جميعاً أن الحياة الزوجية لم تعد سهلة كما كانت في السابق؛ وبالتالي يجب على الزوجين أن يتفاهما على إدارة شؤون حياتهما ومناقشة مشكلاتهما بعيداً عن أطفالهما.
وكما يؤكد المختصون، فإن هناك عدة عوامل تؤدي إلى الطلاق، ويأتي في مقدمتها اختلاف طباع الزوجين، وتدخل الأهل في حياة الزوجين، خاصة في بداية الزواج، وتعاطي المخدرات، والضغوط الاقتصادية والمالية، والجفاف العاطفي، بالإضافة إلى طغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق. ويبرز - من وجهة نظري- عدم التوافق بين الزوجين في بداية حياتهما كأبرز الأسباب التي تؤدي إلى الانفصال، وكذلك نجد أن من أسباب الطلاق الأنانية والهروب من المسؤولية وضعف القدرة على التعامل مع واقعية الحياة ومع الجنس الآخر. كما يلحظ الجميع أن تداخل الأدوار والمسؤوليات يلعب دوراً بارزاً في الطلاق؛ حيث يتهم أحد الزوجين الآخر بالتقصير وعدم المبالاة في أداء المسؤوليات؛ مما يتطلب الحوار المستمر وتحديد الأدوار والمسؤوليات بشكل واقعي ومرن.
إن واقع الحياة اليومية يبين أنه لا بد من وجود المشكلات في العلاقة الزوجية، لكن المهم هو القدرة على احتواء المشكلات ومحاولة تحجيمها بدلاً من تضخيمها؛ إذ إنه ليس من المتوقع انتهاء الطلاق فهو الحل في أحيان كثيرة وذلك عند تعذر استمرار الحياة الزوجية. إن ارتفاع معدلات نسبة الطلاق يحتم على الجهات المسؤولة والجمعيات ولجان الإصلاح أن تكثف جهودها في سبيل حل مشكلة الطلاق، وتخفيف آثار صدمة الطلاق على الزوجين، والقيام بدراسة التغير الاجتماعي في المجتمع السعودي نتيجة الطلاق. كما أنه لا بد من تأهيل القضاة للتعامل مع القضايا الأسرية وذلك من خلال الدورات التدريبية والتأهيلية في هذا المجال، وكذلك دعم مراكز الإرشاد الأسري ولجان إصلاح ذات البين بالإمكانات اللازمة والخبراء والمختصين؛ لأن انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي يمثل مشكلة اجتماعية يجب أن تتضافر الجهود لحلها.
وأخيراً، فإن النساء المطلقات يعانين فقد الزوج وقسوة المجتمع ممثلاً بالأهل والجيران والصديقات الذين ينظرون للمطلقة نظرة سلبية، بالإضافة إلى نعتها بالصفات السلبية؛ مما يعرضها فعلاً لبعض المشكلات النفسية.
alelayan@yahoo.com