قاربت الساعة منتصف الليل ونجل لي ثي هوانغ البالغ 15 عاما لم يعد إلى المنزل. الأم قلقة لكنها تعلم أن ابنها ليس مع زمرة سوء بل في مقهى إنترنت. فالابن المراهق مدمن، وهي تعلم ذلك ايضا، لكنه ليس مدمن مخدرات أو كحول، وإنما.. على ألعاب الانترنت.
وبمرور ساعات من البحث المحموم والانتظار المضني عاد الابن المدمن فإن لي هونغ دوك إلى المنزل عند الساعة الخامسة فجرا بعدما انتهى من جولة لعب طويلة.
ودوك هو واحد من أكثر من 10 ملايين فيتنامي (من أصل 86 مليون نسمة) يترددون على مواقع الألعاب الإلكترونية عبر الانترنت، على ما أكد تقرير صدر عن مركز (بيرل) الأمريكي في العام الماضي.
ولأجل ممارسة شغفه المرضي، يفوت دوك صفوفه الدراسية المسائية ويهرب من المدرسة في كثير من الأحيان. وهو ما دفع أمه التي تعمل كمدرسة إلى اتخاذ إقرار باللجوء إلى مساعدة. ووجدتها بالفعل في أول مركز في فيتنام للعلاج من الإدمان على ألعاب الانترنت.
ويقول مدير المركز نغوين تانه نان أن (الآلاف) اتصلوا للاستفسار عن البرنامج الذي يديره اتحاد الشباب الشيوعي. ولا يعرف المدير العدد الفعلي للأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج للإقلاع عن إدمان ألعاب الإنترنت في بلاده. ويوضح (جل ما أعرفه أن العدد كبير).
وقد ازدهرت موضة ألعاب الإنترنت في فيتنام بسرعة رغم أنها لم تصل إلى هذا البلد الزراعي سوى منذ أربعة أعوام. وباتت مقاهي الانترنت اليوم منتشرة حتى في الريف. وتقول الحكومة إن ثلث سكان فيتنام لديهم إمكانية تصفح الانترنت.
ومع أن معظم سكان فيتنام لا يزالون من المزارعين المقيمين في الأرياف نجد وراء هذا المشهد التقليدي دولة تشهد عملية تحديث سريعة وتواجه مشاكل القرن الحادي والعشرين وبينها إدمان الألعاب الإلكترونية.
ويقر دوك بادمانه، ويقول: (حين بدأت باللعب كنت استمر فيه من خمس إلى ست ساعات، ثم تطور الأمر يوما بعد يوم حتى لعبت في بعض المرات طيلة 10 ساعات متواصلة ليلاً). لكن الفتى الذي كان يوفر المال للعب من ثمن وجبة الفطور الذي تعطيه إياه والدته يوميا لم ينحرف كآخرين من مدمني ألعاب الانترنت إلى السرقة أو ترك المدرسة تماما أو اللجوء إلى العنف، من أجل اللعب.
واستفاد المركز الذي يديره نان من برامج مماثلة أثبتت نجاحها في الصين وكوريا الجنوبية، ويضم 30 مشرفاً بينهم خمسة علماء نفس. ويقول نان إن برنامج تأهيل مدمني ألعاب الانترنت يعيد بناء العلاقة بين المدمنين وعائلاتهم عبر تنظيم نشاطات بسيطة مثل خبز الكعك أو حفل شواء. كما يعمل المركز على توجيه المدمنين إلى هوايات ووسائل أخرى (غير ألعاب الإنترنت) ليعبروا من خلالها عن أنفسهم.