في العام الماضي عانت أغلب مدن المملكة من انقطاعات المياه حتى وصل صهريج الماء إلى ألف ريال، وقيل أكثر، هذه السنة يبدو أن المشرفين على الكهرباء في وزارة المياه والكهرباء (غاروا) من زملائهم في قسم المياه، وقرروا اللحاق بهم، فالتحق الكهربائيون بالمائيين، أغرب تبرير سمعته عن الانقطاعات المتكررة للكهرباء رمي الكرة في ملعب المواطن والادعاء بأن (إسرافه في الاستهلاك) هو السبب. في كل بلاد العالم، حتى تلك البلاد (اللي تمص الفصم)، إذا أسرفت في الاستهلاك تدفع مقابل إسرافك، ولم يذكر لنا التاريخ - ولا الجغرافيا أيضاً - أن أهالي بوركينا فاسو - مثلاً - قد عوقب (مسرفوها) بقطع التيار الكهربائي عنهم من أجل أن يتعلموا أن التبذير مضر بالأمم، مثلما أن الترشيد في استهلاك الكهرباء يقود الأمم إلى التقدم والازدهار والحياة الهنيئة، غير أن وزارة المياه والكهرباء - على ما يبدو - تتعامل مع هذه الخدمات على أساس أن لكل حادثة حديث، والعجلة من الشيطان، ومن (يخطط) للمستقبل هو مثل ذلك الأحمق الذي: (يولم العصابة قبل الفلقة)، الآن وبعد أن أصبحت (الفلقة) حقيقة واقعة، التفتوا يبحثون عن (العصابة)، ولأن (العصابة) وتجهيزها وإعدادها تحتاج وقتا وصبرا، فيجب علينا التحلي، بالصبر، (والصبر مفتاح الفرج)!.
القول بأن الانقطاعات المتكررة جاءت نتيجة عطل (طارئ) عذر لا يمكن قبوله، فمثل هذه الأعطال يجب أن تكون متوقعة طالما أن ثمة برامج متقدمة ومحكمة و(دورية) للصيانة (على ظهر من يشيل)، يمكن بيسر وسهولة جلبها من الخارج، من شأنها أن تجعل الانقطاع (المفاجئ) شبه مستحيل، أن تفاجأ بانقطاع التيار معنى ذلك أن هناك احتمالين: إما أن التخطيط المستقبلي المفترض أن يواكب التوسع العمراني والصناعي يعاني من قصور، أو أن الصيانة (الدورية) المفترض توفرها غائبة، وأي من الاحتمالين يشير - للأسف - إلى تدنٍ في الإدارة، سواء على المستوى التنفيذي بالنسبة للشركة، أو المستوى الإشرافي الموكل للوزارة.
ونقلاً عن واس: (أكد عبدالسلام اليمني نائب الرئيس التنفيذي للشؤون العامة بالشركة السعودية للكهرباء أنه يجري حالياً تعزيز النظام الكهربائي من خلال تركيب مكثفات أخرى جديدة ستؤدي إلى تعزيز الخدمة مبينا أن الشركة تقوم بتنفيذ محطة جديدة بجهد 380 في القصيم وستدخل الخدمة قبل العام المقبل 2010م وستعزز هذه المحطة الخدمة الكهربائية بالمنطقة لتلافي حدوث مثل هذه الانقطاعات مستقبلاً إن شاء الله، وتوقع اليمني ألا تستمر هذه الانقطاعات مشدداً على أهمية تعاون المواطنين مع الشركة خلال صيف هذا العام بالاقتصاد في استخدام الكهرباء قدر الإمكان حتى يمكن الحفاظ على عدم ارتفاع الأحمال مشيراً إلى أن الأحمال الكهربائية سجلت على مستوى المملكة أرقاما قياسية لم تسجل من قبل بسبب الطلب الكبير على الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة).
مثل هذا التبرير يؤكد أن التخطيط المستقبلي في الشركة لا يفترض (أسوأ) الاحتمالات، وإنما الظروف المعتادة الأمر الذي يؤكد أن القضية ليست (ظروف) قاهرة، وإنما تخطيط واستعداد، إلى اللقاء.