Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/07/2009 G Issue 13426
الخميس 09 رجب 1430   العدد  13426
نوافذ
إقصاء
أميمة الخميس

 

أحد القراء أرسل لي رسالة غاضبة, ومن ثم ذيلها بحلمه أن يفتح يوماً جريدة الجزيرة وقد اختفى اسمي, وأزيل من الصفحة ما ينفثه قلمي من جمل ومفردات، ويبدو أن بعض كتاباتي قد استفزت هذا القارئ وساقته إلى هذا الحالة من الغضب والتوتر.

عموما الغضب هي مشاعر إنسانية تعكس حالة خوف بشري كامن يعبر عنه من خلال انفعالات عنيفة مضادة للغريب أو الجديد في العالم الخارجي, أو أي أمر طارئ من الممكن أن يهدد الإنسان أو محيطه, أو انسجامه مع طمأنينة بيئته.

على الرغم من انزعاجي من قسوة الكلمات التي بعثها قارئي الغاضب إلا أن هذا الانفعال المرتفع قد منحني نوعاً مبطناً من الزهو, كون المقال محتدم بحمولة فكرية قد حركت البركة الساكنة, وخلخلت مألوفها الراكد.

لذا أعتقد أن هذا القارئ بعد أن يهدأ جيشانه ويعاود المرور على غرفات نفسه التي تبعثر بداخلها ترتيب الأثاث والموجودات بشكل أزعجه, قد لا يتذمر من تبدل مواقع الأثاث وسيبدو أكثر استجابة لنمط أن بدا غريباً للوهلة الأولى, ولكنه في بعض نواحيه مستجيب للسنة الكونية في التبدل والتغير.

وسؤالي هنا لقارئي الغاضب (الذي يدعو عسى الله أن يزيل مقالي من أمام ناظريه، لأنني كتاباتي تتقاطع مع نمطية التلقي والاستقبال داخله) هل القارئ يحتاج أن يجمع له كاتب الزاوية أحاديث المجالس المتداولة بين العامة ويرصفها في كلمات منمقة ومن ثم يعيد ترويجها؟ هل القارئ الجاد يطمح إلى كاتب يقولبه داخل قوالب جاهزة ومتواترة لكنها ضيقة, وتمنع أجنحته عن التحليق؟

الكاتب لابد أن يراوغ المتداول والبائت, ويخاتل الجديد والمدهش ويستجيب للطموح البشري الدائم لمغادرة المواقع القديمة والحصول على موقع أكثر سمواً تهيئ له رؤية استشرافيه وأفق أوسع.

ومن ثم يا قارئي الغاضب حتى وإن كانت كتاباتي تستفزك وتغضبك, لما تود إزالتي واستئصالي, فقط لأنني لا أشبهك أو أنني أقول ما ترغب في سماعه؟ أليس هناك من فضاء مشترك بيننا؟ ألا نستطيع أن نلتقي في منتصف المسافة؟ ألا نصل إلى كلمة سواء بيننا؟ لكن على كل حال, هناك حل أسهل لك أن تقاطع قراءة مقالي, وتنجو بنفسك من الغضب والاستفزاز الذي يكمن لك بين الأسطر.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد