شركة سمة مشروع رائد لفلترة سوق الائتمان ورفع مستوى الأمان فيه وتقليل المخاطر على المقرضين أُسست من قِبل البنوك التجارية وتشرف عليها مؤسسة النقد.. وبحسب النشرة الصادرة حول أهداف شركة سمة يتضح بشكل جلي أنها تقدم خدماتها حول وضع العملاء الائتماني بحسب ما هو متوفر عنهم من بيانات تقدمها البنوك بالدرجة الرئيسة وكذلك الشركات التي تعاقدت مع سمة من عدة قطاعات بحيث يصبح معروفاً لدى هذه الجهات وضع الراغبين بالانتفاع من أي منتجات ائتمانية حتى يتسنى لها تقدير حجم المخاطر ومدى ملاءة هذا العميل المحتمل المالية مما ينعكس إيجاباً على الحركة الاقتصادية كون الأموال تبقى في دائرة الاقتصاد وتكمل دورتها بشكل طبيعي.
وإذا كان الهدف من إنشاء سمة هو سوق الائتمان وبالتالي منع العملاء غير المؤهلين من الحصول على القروض وما شابهها فلماذا تعدت المسألة هذه الحدود لتصل الى منع التوظيف أو الحد من حرية التحرك الوظيفي.. فطالب الوظيفية ليس متقدماً للحصول على قرض أو بطاقة ائتمانية.. كما أن تعثره بالسداد لا يمكن أن يكون سبباً لكي يفقد فرصة عمل حصل عليها، هذه المواقف تعرض لها عدة أشخاص، بل الغريب أن بعضهم متأخر بسداد فواتير لشركات خدمية ومع ذلك طلب منه أن يسدد ما عليه حتى يباشر عمله.. وآخرون عليهم قروض لم يتسن لهم الانتقال إلى وظيفة أخرى بإحدى المنشآت المؤسسة لشركة سمة.
ورغم أن كل المعلومات الموجودة في موقع سمة تشير إلى أن الأهداف المرجوة من المشروع مرتبطة بسوق الائتمان إلا أننا نُفاجأ صراحة بوصول العقاب إلى حرية التوظيف وحرمان البعض من فرص قد تغيّر من واقعهم المالي بحيث يصبحون قادرين على تسديد ما عليهم من التزامات ثم إن حالات التعثر بالسداد أخذت من جانب واحد وهو أن العميل مذنب ولم تراع التغيُّر بظروفه المعيشية أو حتى إمكانية أن يكون سبب التعثر تقصيراً بالخدمة من مقدمها أدى لمشكلة التأخير بالسداد.. وصحيح أن المشروع ليس اجتماعياً ليبحث بواقع كل حالة ولكن من المهم أن لا تتعدى أهداف الاستفادة من المعلومات الائتمانية حدودها المعلنة.. فالمشروع أُسس بناءً على أنظمة البنوك المقرة من مؤسسة النقد والأخيرة هي من يشرف على سمة.. ولا أعتقد أن من بين أنظمتها ما يتعلق بمنع التوظيف للمتعثرين بالسداد.. ثم إن شركات الخدمات المتعاقدة مع سمة لا تتبع أنظمة مؤسسة النقد وفي حال توسعت دائرة المتفقين مع سمة على تبادل المعلومات الائتمانية فإن موضوع منع التوظيف لحين السداد سيزيد من عمق مشكلة البطالة التي تؤرق المجتمع.. كما أن مشروعية مثل هذه التنظيمات تبقى مثار جدل وتتطلب تدخلاً من مؤسسة النقد ومن وزارتي العمل والخدمة المدنية.
من المهم أن يكون السداد للقروض وللخدمات منتظماً لأنه سيخدم النمو الاقتصادي ولكن إضافة عناصر منتجة لسوق العمل أيضاً يندرج تحت هذه الفائدة كما أن معالجة المتقدمين لوظائف من المتعثرين بالسداد يكون حلها أسهل لو تم توظيفهم ووضع تلك القروض أو المبالغ المستحقة عليهم كأقساط تستقطع من رواتبهم على اعتبار أن واضعي النظام حددوا الكثير من المعايير فبإمكانهم الاتفاق على مثل هذا الحل لتعم فائدته على الجميع بدلاً من سياسة لي الذراع التي ستحرم البعض من فرص العمل وبنفس الوقت تأخر عمليات السداد والخاسر منها الجميع.
mfaangari@yahoo.com