تبحث المجتمعات المتقدمة في مسائل تربوية واجتماعية مرتبطة بالتلاميذ وإكمالهم لطريقهم التعليمي اللازم وتمثل مشكلة (التسرب) أحد أبرز المشكلات التي عالجتها تلك المجتمعات الحديثة وحدت من تفاقمها بالترغيب والترهيب والدراسة المستفيضة لكل الأسباب المؤدية لها وسد الثغرات في كل الأنظمة التي تمكن أن يتسرب من خلالها التلاميذ إلى حيث ترك المقاعد الدراسية. (التلاميذ تشمل أيضا التلميذات) باعتبار الخطاب القرآني الذي يوجه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ...} بمعنى إنه خطاب ليس فيه تقليل من أمر (الذكور) بجمع الإناث لهم وليس فيه تشبه للنساء بالرجال كون الخطاب يضمهما معا!
** نعود لمسألة التسرب، فمدارسنا الثانوية خطت خطوة هامة في جعل الاختبارات داخلية على مستوى المدرسة ذاتها وليست مركزية كما كان يحدث سابقا، وهذا فيه ترغيب باستكمال الدراسة حيث تغيب الرهبة ويحل بدلاً منها الأمان والاطمئنان من منطلق أن واضع الأسئلة يعرف مستوى التلاميذ، كما أن التلاميذ يمتلكون الخبرة الكافية بطريقة الأسئلة من خلال تدربهم مع أستاذهم عليها وبذلك تضيق الفجوة ويخف عامل التوتر في أيام الاختبارات، مما يفترض أنه يؤدي إلى التقليل من تسرب التلاميذ..
لكن الكابوس الجديد الذي ظل يظهر في هذه الأجواء الهادئة هو كابوس تسرب الأسئلة والذي يحاول به بعض المشرفين استعادة البساط الذي سحب من تحت أقدامهم أيام (الشمع الأحمر) (المذكور بالخير) و(الخياش التي تحشى بها أوراق إجابات التلاميذ) لتصحح عند (النزيهين فقط) مصححي مراكز الاختبارات مع أنهم هم معلمو المدارس، فإن كان فيهم (شك) فلن يصلح حالهم مركز تصحيح. (ذهبت) تلك الأيام ولا بواكي عليها بحلوها ومرها وبغرابتها وبدائيتها! إذ ترحل الأوراق على سيارات بخياشها المتراكمة بحثا عن مصحح نزيه!! بقي منها هؤلاء المشرفون (من الذكور والإناث) والذين يغزو بعضهم المدارس ليسحب الأوراق من تحت أقلام التلاميذ في امتحان ثانوية عامة (نهاية العام) بدعوى أن الأسئلة متسربة..
حتى وإن ثبت أن الأسئلة متسربة، فالسؤال الهام الذي (يطرح) نفسه بقوة هل سحب الورق في لجنة الامتحان هو الآلية المناسبة التي يتم فيها التعامل مع هذه المشكلة.. هل ردة فعل التلاميذ مأمونة في هذه اللحظة العصيبة؟! ألا نفكر بأن التلاميذ في هذه السن وفي هذه الأجواء وتحت هذه الضغوط الزمانية والمكانية في مأمن من ردة فعل غير مستحبة على مستوى صحتهم وعافيتهم وحتى على مستوى أمن الآخرين المتعاملين معهم.
** حين تثبت حالة تسرب أسئلة هناك أنظمة وآليات تتبع ليس من بينها إفزاع التلاميذ واستفزازهم بسحب أوراق الإجابة من تحت أقلامهم لكسب دوي البطولة والنزاهة عند بعض المشرفين من الذكور أو الإناث!!
Fatemh2007@hotmail.com