قالوا وما زالوا يقولون: لكل مقام مقال. وأزيد: ولكل مقام هندام وقيافة ولباقة وتصرف وفعل مناسب للزمان والمكان يليق بذات المرء وبمن حوله.. سأختار مشهداً بإمكان كل منا استحضاره بالذهن، ففي الاجتماعات العملية (نسبة إلى العمل) يترأس المسؤول الاجتماع، ويأخذ بمبادرة الحديث مبيناً محاور النقاش قبل أن يبدأ التداول مع الحضور من رؤساء الأقسام.

من بداية الاجتماع حتى نهايته هناك من المشاركين من لا يجيد فن الاجتماع والتحاور وأدب الإصغاء وثقافة تبادل الآراء.. فإن جلت ببصرك بين المحيطين بطاولة الاجتماع ستجد صوراً تبرهن على ما قيل أعلاه؛ فأحدهم قد جاء وكأنه داخل لاستراحة الشلة بمعنى أنه يسقط الكلفة وينثر النكات الباهتة معلقاً على كلام زملاء الاجتماع، وآخر يضع بين فكيه سواكا يلوكه بين أسنانه فاتحا فمه أمام الحضور باستمرار (والسواك طيب لكن له زمانه ومكانه)، وثالث جلب الصداع وأربك الاجتماع بصوت مسبحته الذي لا يهدأ وكأنه يحضر حراجاً وليس في اجتماع جاد.

هذه بعض ملاحظات على ضفاف الطاولة، أما المشهد فوقها فأحيانا يبدو عجيبا؛ إذ إنها تكتظ بزجاجات المياه والمرطبات وعلب المناديل ومزهريات الورد البلاستيكي بصورة توحي بأن الاجتماع يعقد وكأنه وسط رمال الربع الخالي في ظهيرة يوم من أيام جمرة القيظ، فما يحدث في بعض الاجتماعات يغنيك عن توقع النتائج.