أبها - نورة عسيري:
في محاضرة بعنوان (خطايا الثقافة) نظمها منتدى العميرة الثقافي في محافظة رجال ألمع وألقاها الدكتور عبدالله البريدي مؤلف كتاب (السلفية والليبرالية) وأدارها عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد أحمد آل مريع بدأ المحاضر ببيان لمرحلة ما بعد الحداثة والتي كما يقول: نسميها بالنسبية المطلقة، وذكر أن الحداثة اقترنت بنظرة تقديسية للعلم وهي ملخص للمجتمع الإنساني من مشاكله واتجهت في بعض المناطق إلى خلل ومما جعلهم في مرحلة ما بعد الحداثة يتجهون إلى النظرة التشككية للعلم بدرجة إلى أنهم وصلوا إلى مرحلة الشك الفلسفية العدمية، ومن ضمن هذه القيم للنسبية المطلقة والفرق بين ما يقوله العالم والباحث وبين ما يقوله الإنسان العادي والتي أورثت إشكالات أخرى، والنسبية المطلقة في كثير من الأفكار لشرائح مختلفة حتى وإن لم يعلم الناس إن هذه انعكاسات للنسبية المطلقة ومن ضمن الإشكالات: الابتعاد عن التحيز ونحن نرفض كلمة التحيز والتي لها حمولة سلبية مع أن كل إنسان متحيز بمعنى الانحياز لفكرة معينة لاعتبارات معينة.
وعندما أقول: بأن لدينا مجموعة من المثيرات في الأخبار، معلومات، قضايا معينة تضغط على الإنسان، ضوء معين، رائحة، أصوات لذلك قد تحيز إلى مثير وتترك المثيرات الباقية إذا فأنت التقطت مثيرًا واحداً والذي جعلك تركز على هذا المؤثر هو التحيز نتيجة لمعتقدات وقيم، اهتمامات لغات، هذه القيم والاهتمامات تقوم بالضغط عليك باختيار المثير، التحيز قضية حتمية، التحيز شيء طبيعي، وهناك تحيز إيجابي وسلبي والمشكلة هو الخلط فيما بينها، وأشار إلى الاختلاف والذي تقول الموضوعية بأننا سنصل إلى ذات النتائج، ولأن الحقيقة خارج ذواتنا وبالتالي نستطيع أن نستكشف الحقيقة على ما هي عليه.
وأشار المحاضر إلى فقه التحيز وأنه لا بد لهذا الفقه من دراسات وبحوث، ثم عرف المحاضر دلالات الخطيئة في الإرث الديني واللغوي والثقافي، وأشار إلى أن الخطايا مثقلة بحمولات سلبية، فمنها: أن تشير إلى سيئات كبار يقترفها صغار القوم وكبارهم، كما أن الخطايا تحمل الخطأ العمد، وفيها بذور مخالطة الخطأ في سياق تجهد فيه الخطايا لأن تخفي الخطأ، وتتكرر لوجوده أو حدوثه أو صناعته، غير أن ثمة حمولة إيجابية للخطايا تدفعنا إلى التعاطي معها وفق منظور أكثر تفاؤلاً، ذلك أننا لا نكاد نطيق ذكر الخطيئة وتدنيسها إلا وهي مقترنة ب(التكفير) وتطهيره، مما يفتح آفاق الأمل بخلاص الذات من مكبلاتها ومخفضات فعاليتها، وأشار إلى مفردة ثقافة فقال: الثقافة تمنح الإنسان أوراقًا بيضاء ليدون عليها ما يشاء، فالثقافة لا تخلق نفسها إنما هو الإنسان الذي يوجدها وفق منظومته العقدية والفلسفية والقيمية وطرائق تفكيره، غير أن الثقافة ليست مجرد مخزن للأوراق التي يراكمها في أدراجه، ولكنها كائن يتشبث بأسباب الحياة كلها، صحيح أن الإنسان هو الذي يغذيها ويرعاها في البداية، غير أنها ما تلبث أن تتوفر على مصادر أخرى للغذاء... الثقافة تلتقط كل شيء، غير أنها لا تبقي كل شيء في جوفها، فهي لا تبقي غير المفردات التي تراكمت أو تقادمت على أقل تقدير، فأضحت متماسكة بطريقة يمكن تخزينها ونقلها في وسائط متنوعة: حكم - أمثال - شعر - قصص - تجارب... وهنا ينبغي الإشارة إلى حقيقة أخرى، فالثقافة تمنح بطاقات خاصة قد يتمكن حاملها من أن يلصق بالثقافة مفردات لا يتوافر فيها شرط التراكمية أو التقادمية، وأشار المحاضر إلى ماهية الخطايا الثقافية حيث قال: الخطايا تصبح ثقافية حين تلصق بالثقافة أو تنبع منها أو تسوق من خلال مفرداتها أو تمرر عبر وظائفها، والمسؤولية مشتركة بيننا وبين ثقافتنا في صناعة الخطايا الثقافية وتجذيرها والتسويق لها، ولكن الثقافة برمتها هي صنيعتنا، ويفترض أن تكون إلى حد ما تحت سيطرتنا، من هنا تتضاءل مسؤولية الثقافة باعتبارها متغيرًا تابعًا وتتضخم مسؤوليتنا باعتبارها متغيرًا مستقلاً، واستعرض البريدي ستًا من الخطايا الثقافية منها ضعف تبصر الثقافة بنفسها، ضمور التفكير الاستبصاري، تجاهل الحتميات المطلقة، الأمية المنهجية، عدم الكشف عن الحقائق بالأقدمية، اغتيال الإبداع، وفي نهاية المحاضرة بدأت المداخلات بمداخلة لوكيل المحافظ مفرح زائد الألمعي، ثم الدكتور عبد الرحمن الجرعي والذي قال: إن خطايا الثقافة ليست من الثقافة بل من المثقفين، وطالب بدراسة فقه التحيز دراسة مستفيضة، ثم مداخلة علي الفيفي والتي قال فيها: بأن حاول البحث في جوجل للحصول على ردود على كتاب الدكتور عبد الله البريدي (السلفية واللبرالية) فلم يجد من يداخل وهنا ضجت القاعة بالضحك، بعد ذلك مداخلة الدكتور عبد اللطيف الحفظي، ومداخلة الشيخ حسين يعقوب حو ل نهاية الزمن، ومداخلة إبراهيم كدوان وغيرهم.