إذا نقلت خبراً سيئاً لشخص عبر الهاتف، فعليك أن تتحين الفرص لتنقل له فيما بعد أخباراً سارة. والسبب أن الأخبار السيئة تعلق في الذهن بشكل عجيب، ويصعب محو ارتباطها بالناقل إلا بأخبار مفرحة لاحقة!
صديق قال لي إنه (يتشاءم) من اتصالات شخص آخر نعرفه سوياً، وأشار إلى أن ذاك الشخص يحرص على نقل الأخبار المفجعة، بل يجد لذة عجيبة في توصيل مثل هذه الأخبار!
صديق آخر لا يرد إطلاقاً على الأرقام التي يجهل مصدرها، واستفسرته عن الأسباب فقال إن هذه الاتصالات لا تأتي بخير، فالمتصل في هذه الحالات يكون شخصاً غير عزيز، لأنه لو كان عزيزاً لكان رقمه معروفاً، ثم سيفاجئك باحتياج ثقيل على النفس، كأن تتوسط له في أمر لا يستحقه لدى شخص لا تطيقه!! أو أن تقرضه بعضاً من مالك العزيز الذي يسد بالكاد رمقك!
والهاتف ليس وحده ناقل الأخبار المفجرة للغدة النخامية (!!)، فكل وسائل الاتصال والإعلام لها نصيب الأسد والنمر والفيل والتمساح والبطريق في التنكيد!!
صحفي ناشئ في صحيفة إلكترونية طلب نصيحتي المهنية فنصحته أن يكثر من الأخبار المفرحة للقراء.
صحفي آخر أراد استرضائي قائلاً إنه لا يتابع في الإنترنت سوى أخبار السياسة، فقلت له وهل هناك ما يسبب السكتة الدماغية أكثر من أخبار السياسة؟!
العجيب أن كثيراً من وسائل الاتصال الإعلامي انجرفت وراء الأخبار الكارثية، والسبب أن الرهبة وحب الاستطلاع يدفعان المتابعين لمعرفة هذه الأخبار، لكن هذه الوسائل نسيت أن الشد الزائد يدفع المتابعين في النهاية للهروب، بل ولمتابعة أفلام الكرتون الهزلية في عز المصائب النازلة على الرؤوس!!
المشكلة أن الجوال دخل ضمن وسائل (الرعب) في نقل الأخبار، لكننا لا نستطيع تجاهل الاتصالات التي تأتينا، فنحن، على أي حال، لا نعرف ما سينقله لنا المتصلون، وقد يكون اتصالهم تبشيراً بمليون ريال تنتظرنا لنتسلمها!
انقل الأخبار المؤلمة إذا كان لا بد من نقلها هاتفياً، لكن احرص على نقل الأخبار المفرحة لاحقاً، حتى لا يصبح رقمك (بومة) يتطير بها الآخرون، عند كل اتصال من شخصكم العزيز!
Shatarabi@hotmail.com