Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/07/2009 G Issue 13433
الخميس 16 رجب 1430   العدد  13433
شيء من
مع التحية للدكتور النجيمي
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

قرأت رد الدكتور محمد النجيمي على مقالي (سوق السندات والضجة المفتعلة)، وقد طلبت من الدكتور حمزة بن محمد السالم أن يقرأ الرد، ويدلي بدلوه، حيث إن مقالي كان يتكئ على بحث كتبه الدكتور حمزة حول جريان الربا في النظم النقدية المعاصرة، مؤكداً أنها قضية محل خلاف وليست محل إجماع. وللمعلومة، فالدكتور حمزة السالم باحث اقتصادي أكاديمي مؤهل، ويعمل أستاذاً للاقتصاد في جامعة الأمير سلطان بالرياض، وهو كذلك باحث شرعي (ملتزم)، حافظ لكتاب الله، وخبير متمكن في قضايا النقود والبنوك، وله كثير من البحوث والمقالات المؤصلة في هذه الشؤون، جمع فيها بين التخصص في الاقتصاد، وقضايا المعاملات المالية حسب الأصول الشرعية. أترككم مع ما وردني من الدكتور حمزة رداً على مقال الدكتور النجيمي:

أخي الفاضل محمد آل الشيخ: اطلعت على ما كتبه د. محمد النجيمي في رده عليكم الذي نشر في جريدة الجزيرة، الدكتور النجيمي في هذا الرد أصر على أن ينشر بضاعته من العلم والفهم على الملأ، وكان الأجدر به أن يستر جهله فلا يجاهر به، وباختصار شديد أورد نقاطا ذكرها تؤكد صحة ما أشرت إليه:

أولاً: قوله عن الفلوس المعاصرة: (فلا نطمع أن يكون لعلماء السلف فيها حكم)؛ فهو هنا يردد مقلداً بغير فهم الملاحدة الداعين لنبذ الدين، لأنه لم يعد صالحاً لهذا الزمن المتطور؛ فعلى قوله: كلما جدت مسألة قلنا لا يمكن للدين القديم الذي أصَّله السلف أن يدركها، ثم نسلمها لمثل هذا السقيم ليقول فيها ما يمليه عليه رأيه الفاسد دون الكتاب والسنة وتأصيل السلف الصالح.

ثانياً: أختزل صلاحية الاستشهاد بالمذاهب فقط إذا كيف الأوراق على أنها سندات دين؛ وهذا - أيضاً - جهل بأبسط أصول الفقه، ولم يقل بهذا القول إلا تخيلات النجيمي. وكمثال بسيط من أقوال أهل العلم المعاصرين نص الشيخ صالح بن فوزان - حفظه الله - عضو هيئة كبار العلماء فعند هؤلاء (الحنابلة والأحناف) أيضاً، (لا يجري الربا في النقود الورقية المستعملة اليوم ولا في الفلوس من غير ذهب أو فضة لأنها غير موزونة). انتهى.. نصاً من بحثه (الفرق بين البيع والربا).

وأما الشافعية والمالكية، فقال الشيخ عبدالله بن منيع -حفظه الله: (وذهب بعض العلماء إلى أن علة الربا في الذهب والفضة غلبة الثمنية وهذا الرأي هو المشهور عن الإمامين مالك والشافعي فالعلة عندهما في الذهب والفضة قاصرة عليهما والقول بالغلبة احتراز عن الفلوس إذا راجت رواج النقدين، فالثمنية عندهما طارئة عليهما فلا ربا فيها) انتهى.. نصا من كتابه (بحوث في الاقتصاد الإسلامي) ص 269.

ثالثاً: استشهد بأن العملة الذهبية والفضية لم تعد ثمنا ولا تستخدم في المعاملات؛ أي لا يجري فيها الربا وعند النجيمي لا تجري الزكاة فيها أيضاً؛ وهو هنا - يأتي بأقوى حجة على عدم صلاحية استمرار علة (مطلق الثمنية) التي استندت إليها فتوى هيئة كبار العلماء 1393هـ، لكن أنى له أن يفهم ذلك.

رابعاً: نقله الإجماع المطلق على أنها نقد قائم بذاته بقياسه على الذهب والفضة، وهو ما لا يقبله عامة مشايخ علماء المملكة -رحمهم الله-، وآخرهم ابن عثيمين رحمه الله.

خامساً: جهله الظاهر في الأصول وفي فهمها حيث نقل اجماع المعاصرين على أن الفلوس المعاصرة نقد قائم بذاته لتحقق علة الثمنية كما في الذهب والفضة، ثم واصل فقال: ويمكن قياسها على الفلوس القديمة فهو هنا نقض الإجماع الذي ذكره؛ فقياس فلوسنا المعاصرة على القديمة هو قول المخالفين لفتوى هيئة كبار العلماء، وآخرهم الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وفي قوله جهل آخر بالأصول. حيث قال بأن الفلوس المعاصرة تقاس على الفلوس القديمة، والفلوس القديمة تقاس على الذهب؛ ولم يدرك أن القياس على الفرع - وهي الفلوس - لا يصح عند أهل الأصول؛ فالقياس يكون على الأصل وليس على الفرع، ولم يخالف في هذا إلا ابن رشد الذي شرط الإجماع في قياس الفرع. وجماهير العلماء - سلفاً وخلفاً - لم يقيسوا الفلوس القديمة على الذهب، فلا موضع للاحتجاج بمخالفة ابن رشد، وفي ظني أن النجيمي لا يعلم ما قاله ابن رشد ولا غيره، كما يظهر لي.

سادساً: خلطه المضحك بين علة (مطلق الثمنية) وغلبة الثمنية والوزن، ثم عاد فالتبس عليه خلطه وادعى الإجماع على مطلق الثمنية، واستشهد على نقدية الفلوس المعاصرة بشواهد تنطبق على الأموال كلها وليس على الفلوس أو الذهب فقط.

والمقام لا يتسع، ولكن من أراد أن يضحك ويتعجب وخاصة إن كان له معرفة شرعية بسيطة فليقرأ رده فهو بلا شك فكاهة هذا الصيف.

وختاماً.. أضع هذا الخلط العجيب أمام نظر مدير معهد القضاء العالي؛ فهل يقبل - وفقه الله - أن يكون رجلاً بهذا العلم المتهالك، والمنطق المعوج على ضوء رده في صحيفة الجزيرة - أن يقال إنه شيخ لقضاتنا؟) انتهى.إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد