هل نحن شعب طماع أم استهلاكي؟ وهل هذه الخصلة حديثة العهد أم هي من موجبات أو توابع التطرف والطفرة معاً! عندي أن كل ذلك صحيح، فنحن الآن رغم كل النعم التي تحوطنا، ما زلنا نرقص لأي فرصة نعتقد أو نتوهم أن خلفها مالاً، المزيد من المال، حدث هذا في سوق الأسهم حيث باع بعض الناس منازلهم وسياراتهم وفوق ذلك أخذوا تسهيلات من البنوك ثم ألقموها لسوق معروف عالمياً، وليس محلياً فقط، بأنه شديد المخاطرة، لذلك لم يكن مستغرباً أن الطامة عندما نزلت أدخلت بعض الناس للسجون والبعض للاكتئاب والبعض للموت المفاجئ، ولو كان هناك تفكير وتديير وحب معقول للمال لما وضع هذا الإنسان الطماع كل البيض في سلة واحدة، فكان أن ارتطم ببعضه وتكسر على الأرض وفق رأس أصحابه!
ولم نكد نفوق من كارثة الأسهم، التي ما زالت آثارها تضرب في الأرض، وكأنها قنبلة هيروشيما، حتى دخلنا في بطاقات سوا، حيث انتشر عشرات الأفاقين وجمعوا مئات الملايين، من مئات الطماعين، وحين بانت الحقيقة كان من جمعوا الأموال إما مختبئين في الخارج أو في بيوت الأصدقاء أو على أسطح المنازل، بعد أن بددوا الملايين في المتع الحرام، سيارات وعمارات ورحلات وزوجات، وقد تمخض عن هذه الكارثة، ما تمخض عن الكارثة المذكورة أعلاه، وإن كان هؤلاء يقولون إنهم انخرطوا في مساهمات سوا بحثاً عن الربح الحلال وهروباً من أرباح الأسهم الربوية والشديدة المخاطر! أما التي قبل الأسهم وبطاقات سوا، فقد كانت الأراضي، التي جمع منها بعض الأفاقين مليارات الريالات من هؤلاء الناس الذين ربما كانوا من الباحثين عن ربح سريع وربما كانوا من فئة الطماعين، ولأن كل رصاصة قد يقابلها رصاصة أنجع وأقوى منها، فقد تفنن دعاة المساهمات العقارية، فأخذ بعضهم المال ولعب به في الأسهم حتى وقعت الكارثة فضاعت أموالهم وأموال المساهمين طيبي النية، والبعض الآخر تاجر بفلوس المساهمة في الذهب والفضة والعقار، وهناك من لم ينس نفسه من المتع الحلال والحرام، فتزوج وسكن في أرقى الفنادق وارتاد أشهر الملاهي واقتنى القصور والشقق والعمائر في كل مكان يروح فيه الناس عن نفوسهم وأبدانهم، أما المساهمون فإن بعضهم ما زال حتى الآن ينتظر حر ماله ولا يبدو أن الحلول قريبة، فمن يستطيع استخراج الجواهر من جوف سمك القرش المفترس!
أما آخر سلاسل الهرولة خلف المال، فقد جاءت لنا من مكائن الخردة، نعم مكائن خردة لا تسوى وهي جديدة أكثر من ثلاثين دولاراً نفخت مثل أسهم الخشاش حتى وصل سعر القطعة إلى أكثر من مائة ألف ريال، نعيد السؤال.. هل نحن شعب طماع أم طيب؟ المؤكد أن الطيبة باتت تغرقنا للحد الذي أصبح بإمكان أحد ما أن يقنعنا بأن شارع البطحاء أو العليا العام من حر ماله ويعرضه على من يشتري أو يطرحه مساهمة عامة وسوف يجد المساهمين بالعشرات دون أن يعرف أحد عن الأمر شيئاً حتى تطير الطيور بأرزاقها تماماً مثلما حصل مع إسماعيل ياسين عندما باعه أحد الأفاقين ميدان العتبة الخضراء أو مثلما كان يفعل بعض الأفاقين بزوار المدينة - قديماً - فيسوقون عليهم تراباً جمعوه من الشوارع على أنه من ترب الحجرة النبوية!
فاكس: 012054137