Al Jazirah NewsPaper Friday  10/07/2009 G Issue 13434
الجمعة 17 رجب 1430   العدد  13434
الحلقة المفقودة
د. هدى بنت دليجان الدليجان *

 

في زمن تشابكت فيه الخيوط.. وتعقدت فيه المصالح.. وسيطرت الماديات على الأخلاقيات.. وغُيّبت العقول أمام الشهوات.. كان ما جاء في كتاب الله جواباً حاسماً لمن أراد الفضيلة.. وكان باحثاً عن النماء والبناء.. قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}(110)سورة آل عمران.

فقد تغيّرت المفاهيم.. وتبدلت الفضائل.. ونزع بعض أفراد المجتمع إلى الجنوح عن المسار الصحيح؛ فكان لا بد من تكاتف المجتمع في حث المسير إلى الخيرية الباقية، وإنقاذ السفينة من الغرق بفعل الجاهلين بالدعوة إلى العمل بالفضائل السامية والنهي عن الرذائل الشائعة.

من أجل ذلك كانت ثقة ولي الأمر الكريم - حفظه الله - بجدارة الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكون جهة مخولة نظاماً بالدعوة إلى الفضيلة في تناسق تام وانسجام عام مع الجهات الأمنية المرابطة لحراسة الفضيلة في المجتمع، وتعالت أصوات الكثير من المجتمع في تحقيق الدعوة إلى الفضيلة في عالم أصبح يعج بالشهوات والماديات والمخدرات والشعوذات..

وكان من مبادرة الهيئة رئاسة وإدارة ومنسوبين ضرورة مراجعة أعمالها وهياكلها ورؤيتها المستقبلية ورسالتها السامية في المجتمع؛ لتتخذ موقفاً حاسماً من إرادة التطوير، فسلمت أوراقها وأعمالها لجهة أمينة في مركز البحوث والاستشارات بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، في عقد وثيق بين الإدارة والفضيلة بإنشاء الخطة الاستراتيجية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمدة عشرين عاماً 1430-1450هـ.

ودعت الهيئة الموقرة نخبة من أفراد المجتمع ورواده من العلماء والأكاديميين والمعلمين والموظفين نساء ورجالاً؛ ليرسموا لوحة تشكيلية جميلة من الألوان الزاهية والأفكار النابهة لرسم مسار الهيئة خلال عشرين عاماً في دراسة أولية تمثل حلقة تواصل بين الجهة والمستفيدين من أبناء المجتمع.

وأكاد أجزم بأن هذه الخطوة المباركة بمشاركة النساء شقائق الرجال في الورشة الأولى للخطة الاستراتيجية للهيئة، حلقة ذهبية تفردت بها هذه المؤسسة الحكومية العريقة دون غيرها من المنظومات الحكومية والأهلية العامة والخاصة في نسق حضاري، تجاوزت به جميع الأفكار البالية والتشنجات الهائلة لتضع في لقاء عاصف توائم من الأفكار والقيم والقناعات والمبادئ؛ لتعلن بكل شجاعة وثبات أن الفضيلة أصل.. والرذيلة لا محل لها زائلة، والحسبة باقية، والتطوير قادم لا محالة.

فالخطة الاستراتيجية (حسبة) هي رسالة ورؤية وأهداف موضوعة للخلوص إلى نتائج مرسومة؛ فالرؤية إذا لم تكن شاملة كانت منقوصة.. والهدف إذا لم يكن مدروساً أصبح فوضى..

فهنيئاً لأهل الحسبة بهذه النفوس الشماء.. التي أبت أن تراوح مكانها بل خطت خطواتها تسابق النجوم.. وتعاهد رب السماء على المضي قدماً في بناء النفوس العلياء.. فبارك الله سعيها، وأعانها.. وسدد خطاها.. والله معكم.

* الأحساء


drhudadd@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد