اهتم علماء الاجتماع السياسي بقياس أثر التحولات الاجتماعية في مدى الاستقرار الأمني الذي يلحق بأي مجتمع من المجتمعات في الواقع المعاصر المتسارع في التغير والبعض من هؤلاء لجأ إلى القياسات الكمية لقياس مدى ما حققه المجتمع من آمن وأمان باستخدام الإحصاءات الأمنية المقارنة للوقوف على حجم تطور الجريمة ونوعيتها، واستبان لهم أن التغير العددي أو الرقمي لا يصل بهم إلى غاية التحليل المطلوب لمعرفة العوامل والأسباب، وعجز القياس الكمي عن فهم الأبعاد المختلفة للواقع الأمني ومرجعياته.
والبعض الآخر هم أصحاب النظرة الكيفية وعلى الرغم مما عليه من سلبيات لاعتمادها على مفهومات واسعة وعريضة مما يحول بيننا وبين صحة التعميمات.
إلا أننا نجد نموذجاً توافقياً لدى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ويمكن لنا أن نسميه نموذج المؤشرات (كمية - كيفية) ويتضح من مواقف واقعية نذكر منها: ما جاء في خطابه بالمؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة البدء في تفعيل الخطة الاستراتيجية للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكد في الخطاب على أهمية الهيئة وعناية الدولة بها، كما أثنى على مسيرتها التطورية، وأشاد بقيادتها الذي يقودها فضيلة الشيخ عبدالعزيز الحمين، وأوضح بلزوميتها كياناً وواقعاً، وهي الداعمة للممارسات المتوافقة مع الثوابت في العقيدة مرتكز قيام الدولة السعودية، وازاء القيام بهذا الواجب فيلزم تقديم الدعم الكامل لرجال الهيئة ضماناً للاستقرار والتواصل والترقي والنهوض بالعمل وكم هو معتنى وكم هو في حاجة لتعاون الخبراء والمختصين كل في مجاله.
وفي معية هذه المؤشرات وجه الخطاب مطلباً للإعلام بعدم التهويل وتضخيم وتصعيد وتجسيد الأخطاء والسلبيات حيث إن الأخطاء يمكن علاجها والسلبيات يمكن تلافيها وعلينا أن نركز على الإيجابيات فهي محور الاهتمام فالإعلام مسؤول عن حراسة الأخلاق كما للمناهج التعليمية من أثر بالغ في التربية الإسلامية ودعم الأمن الفكري.
وأوضح سموه أن الهيئة والنسق الأمني جهازان متكاملان في الأدوار والمهام، ومتوازيان في مواجهة السلوكيات اللاسوية وفي محاربة الجريمة والانحراف، وفي إرساء قواعد الأمن والاستقرار.
وهكذا تكون الهيئة نصيرة العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة والرافضة -والحق معها- لآية تيارات تناهض عقيدتنا مهما كانت حداثتها وعصرنتها.
ومع كل ذلك لا ننأى بعيداً عن رجل الأمن الأول - صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - ذلك النموذج البارع في إدارة آليات الأمن الداخلي بأموره المعتادة من حيث صنع القرارات الرشيدة ووضع النظم الأمنية السديدة واتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بالدفاع الاجتماعي المتمثل في توفير الأمن العام لكل من أفراد المجتمع ومؤسساته الإنتاجية والخدمية على السواء، والتصدي للجريمة والمجرمين، والجماعات المناهضة للمجتمع ومنجزاته الحضارية أعداء التقدم والتطور فهم نتاج صناعة التخلف العقيم والفكر الأرعن والسلوك المنحرف الشائن البغيض.
وبحسب رجال الاجتماع فإن الفاصل بين السلوك السوي واللاسوي اتجاه (فكر) ولذا فإن المعالجة تبدأ من فهم وتصويب الفكر حتى يمكن تحسين الاتجاه واستقامته فالمملكة الآن معافا من سلوك الإرهاب.
ووفق هذه المؤشرات تمكن سموه ببراعته وحنكيته وحكمته من حفظ البلاد من شرور الفتن ودعاة الإرهاب فأحبط ورجاله الفتنة في مهدها وحمى البلاد والعباد من شرورها وفداحة أعمالها بفضل من الله ثم بفضل توجيه ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وبما لحق بقطاعات الأمن المختلفة ومدينة تدريب الأمن العام من تطوير وتزويدها بالتقنيات والأدوات والأجهزة الأمنية الحديثة وفنون التدريب الجديدة. ولما كان الانحراف -فكر- فقد اهتم بمعالجة هذا الفكر المنحرف وترسيخ مقومات الفكر الآمن وتقديم معززات الأمن الفكري من خلال رعايته وعنايته بكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود واضعاً في الاعتبار أن الأمن الفكري لا ينفصم عن المنظومة الكلية للتنمية الفكرية والتنمية الإنسانية الرشيدة والأمن المجتمعي الرصين.
وعن طريق هذا الكرسي يمكن إعداد الدراسات التي تكفل تصحيح المفاهيم والمصطلحات العلمية ذات الصلة بالفكر ومقوماته ومعززاته في ضوء العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والإعلامية.
ونظراً لحسن الرعاية الدائمة للكرسي مادياً ومعنوياً، والحث على التركيز في أنشطته استحق معه سموه أن يلقب ب(أمير الحكمة)، وهو اللقب الذي أوصى به المؤتمر الأول للأمن الفكري.
ويحسب له بكل اعتزاز تشجيعه الدائم لاستخدام الحوار الهادف الرصين ونشر ثقافة التسامح على كافة الأصعدة. ودعمه وتشجيعه للدراسات العلمية والكراسي البحثية في مجال الحصن على الوسطية وتعزيز الاعتدال من منطلق أن الجهد الأمني ليس كافياً وحده للحد من ظواهر الانحراف في الفكر، وأن لعمل على نشر الفكر الآمن على صعيد المملكة يعتبر ركيزة أساسية لتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق استراتيجيات التنمية المستدامة وطموحات وآمال المستقبل الزاهر بإذن الله.
كما يحسب لسموه أيضاً بكل احترام وتقدير عنايته الفائقة بالسيرة النبوية العطرة وتشجيع البحث العلمي فيها، ورصد ثلاث جوائز لهذا الغرض من حسابه الخاص ابتغاء وجه الله الكريم وشكل للجائزة هيئة عليا يرأسها سموه.
هذه الجوائز الثلاث هي: جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، وجائزة الأمير نايف التقديرية لخدمة السنة النبوية، ومسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز لحفظ الحديث النبوي.
ويحسب لسموه كذلك تعضيده لدور المرأة في نهضة الأمة حيث ذكر سموه في لقاء نظمته جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن (أن المرأة في المملكة في أعظم موقع فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والعمة والخالة.. وقال: (إن مواقع العمل للمرأة تنتظركن لتضمن بأداء الواجب نحو الدين والوطن)، (وإن ثقتنا بالله عز وجل ثم بكن كبيرة وإن شاء الله المرأة السعودية تحتل مرتبتها اللائقة بها بكل كرامة واعتزاز بشخصيتها وعملها الدؤوب في بناء الأسرة وتعليم الأجيال ليس هناك رسالة أعظم من تربية النشء ليس هناك من يحافظ على الترابط الأسري أكثر من المرأة الصالحة وإن شاء الله إنكن من الصالحات).
وفي ختام مقالنا هذا يشرفنا أن نذكر أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الإنسان الحاصل على جائزة التميز في الأعمال الإنسانية - ومنها ما قدمه عوناً للشعب الفلسطيني - وقدم الجائزة لسموه الكريم الكونجرس الطبي الدولي ويعتبر سموه أول شخصية عربية إسلامية تنال هذه الجائزة.
وأول من وضع استراتيجية التصدي لما يطلق عليه مجرم المعلومة، وعولمة الجريمة وما يعرف بالجريمة عن بعد، والجرائم بلا حدود، وجريمة الفكر المنحرف.
إن هذه الجهود الأمنية السعودية في مواجهة العمل والفكر الإرهابي هي محل دراسة في المنظمات الأكاديمية ومراكز البحث العلمي للاستفادة منها على المستوى الإقليمي والدولي حفظ الله سموه من كل مكروه ومتعه بالصحة والعافية ليقود المسيرة الأمنية لتنعم بلادنا بكل أمن وأمان في ظل توجيه قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.