أصبحت متاحف العالم الشهيرة تأتي في صدارة الأماكن التي يحرص السائحون على زيارتها والاستمتاع بها من شتى بلاد العالم بحيث لم يعد مستغرباً مشاهدة وجود طوابير من الجمهور طوال العام وهي تقف أمام أبواب هذه المتاحف وتمتد لمسافات طويلة يظل الزوار خلالها ينتظرون لساعات أن تفتح لهم الأبواب في أجواء مناخية مختلفة من حر شديد أو برد شديد والهدف هو زيارة هذه المتاحف والتمتع بمرأى ومشاهدة الكنوز الأثرية والحضارية الموجودة بين جنباتها، هذه الصورة الزاهية لواقع المتاحف العالمية تقابلها في العالم العربي صورة أخرى بائسة ومحزنة لمعظم المتاحف في العالم العربي، حيث يشكو معظمها مرَّ الشكوى من عزوف الناس عن زيارتها والاستمتاع بها على الرغم مما تحويه غرفها وصالاتها من الآثار والمقتنيات التاريخية والفنية المهمة.
ما هي أسباب هذه الجفوة بين المواطن العربي وبين المتاحف العربية؟
هل تكمن المشكلة في المواطن العربي؟ أم أن المشكلة تعود إلى المتاحف ذاتها؟ في تصميمها ومحتوياتها أو حتى في إدارتها التي تشرف عليها؟
بداية لا بد من الإشادة بالدور الحيوي الذي تقوم به معظم الحكومات العربية في سبيل وضع بنية أساسية لمشاريع متحفية رائعة ودعمها بكل الإمكانات والقدرات بحيث يمكن القول بكل ثقة إنها تضارع ما هو موجود في أرقى المتاحف العالمية، بل إن بعضها قد يتفوّق على المتاحف العالمية بمخزونه الأثري والحضاري الذي تحويه ممرات وصالات المتاحف العربية. ولكن هذا الواقع بكل زخمه قد تفسده وتقلّل من قيمته عناصر عديدة لعل أهمها ندرة الإدارات التي تعمل بأسلوب احترافي لإدارة هذه المتاحف.. وبعض هذه الإدارات قد لا تملك لا الرؤية الواضحة ولا الفهم العميق للرسالة المتوخاة من إنشاء هذه المتاحف وهو ما قد يضيع كل الجهود والإمكانات ويعيق بناء علاقة جيدة بين الجمهور وهذه المتاحف.
وقد يكون العائق من قِبل المواطن الذي قد لا يكون مدركاً لأهمية المتاحف كمراكز علمية وحضارية مهمة تسهم بدور كبير في ربط المواطن العربي بتاريخه وفي تعريفه بالمنجز الإنساني في شتى الحقول والمعارف. ولكي تحقق المتاحف العربية دورها المناط بها في التأثير والتعليم وفي رفع مستوى ذائقة المواطن العربي للفنون المختلفة لا بد للإعلام وبخاصة المرئي منه أن يقوم بدوره المهم في هذا المجال، وذلك عبر استحداث برامج تلفزيونية مختلفة ومستمرة تعمل على بناء وعي الجمهور مثل إنتاج برامج تهتم بإرشاد الزائرين إلى هذه المتاحف وذلك لكيفية القيام بجولة ممتعة ومفيدة، كما يمكن إنتاج برامج أخرى تهتم بعرض الفعاليات والأنشطة التي تُقام في هذه المتاحف، أيضاً يمكن إنتاج برامج تهتم بالحديث بشكل قصصي مثير ومشوّق لمعروضات هذه المتاحف، كما يمكن عمل برامج أخرى تهتم بأخذ شهادات كبار زوار هذه المتاحف من الشخصيات العالمية الشهيرة.. باختصار شديد مطلوب من الإعلام المرئي بالذات لكي يفعّل دور المتاحف أن يقوم بالترويج المدروس لبيان جمال وروعة ما تحويه المتاحف العربية من كنوز عبر استقطاب كتَّاب وصحفيين وإعلاميين يتحدثون باستمرار عن هذه المتاحف وهو ما سوف يسهم في النهاية في بناء علاقة إيجابية بين الجمهور وهذه المتاحف.
malmadi777@yahoo.com