مجنون من يحفظ أسراره على سطح المكتب، فالأسرار ذات فتنة، ولها خاصية جاذبة للطفيليين ومحبي الاستطلاع، وكأنها تدعوهم للاطلاع عليها ولو كانت محمية بمتاريس من كلمات السر!
أحد معارفي دبج رسالة يطلب فيها من احداهن أن تقبله زوجاً، وحفظ الرسالة بملف وورد على سطح المكتب لتعديلها و(تزويقها) قبل نقلها الكترونياً لبريد المحبوبة ! لكن الرجل سيئ الحظ كان متزوجاً، وزوجته مقيمة معه في منزله مع بقية عياله، وقد أرسل بالفعل الرسالة، لكنه نسي الملف الأصلي محفوظا في سطح المكتب، وما هي إلا سويعات حتى كانت الدنيا قد انقلبت على رأس عريس الغفلة، حيث جذب الملف نظر الزوجة، وفتحته نابشة في محتوياته، ولكم أن تتصوروا ما حدث بعدها من مطحنة داحس والغبراء!!
سطح المكتب حافظة للمستعجلين والكسالى!! ومستخدمو الكمبيوتر يعلمون أن خيارات الحفظ متعددة أمامهم، لكن الكثيرين يختارون (السطح) مكاناً لأشيائهم، وبعض ما يحفظونه (أسرار) تقتضي الحذر، ولو كانوا حصفاء وأصحاب أمخاخ، لتحسبوا من عاديات بني طفيل وأمثالهم.
أحد جيراني قال إنه لا يحتفظ بأي سر في حاسوبه، سواء في سطح المكتب أو غيره، وقال إن السبب يكمن في أزمة (الثقة)، فالكمبيوترات يمكن أن تكون نهباً للهاكرز والفضوليين، كما أنها قد تتعرض للاستعمال من بعض أفراد الأسرة. وأضاف بحسرة أنه لا يستطيع التحكم في ما يرد إلى بريده الالكتروني، فالذي يصله قد يحمل مزيجاً من الأشياء الدسمة، بيد أن في صلبها أحيانا صوراً أو محتويات من النوع الذي لا يريد ممن (يحترمونه) الاطلاع عليها ! ولذلك يضطر لحذف الدسم بشوائبه فوراً، تحسباً من أي مصائب يمكن أن تهطل على دماغه، على الرغم من أن لا أحد يعلم كلمة السر الخاصة ببريده!
الحيطة تتطلب التعامل مع الأسرار بما يحفظها جيدا، والكسالى وغير المكترثين من الأفضل أن ينسوا وجود سطح المكتب في حواسيبهم، فذلك وحده ما قد يجنبهم أي خسائر في الأرواح أو الممتلكات، وما قد يقيهم من أي عواقب تؤدي لمطحنة داحس والغبراء وما شابهها من الكوارث والمصائب!
Shatarabi@hotmail.com