من المشاكل الكبرى والآفات الاجتماعية والصحية والأمنية التي تعاني منها الحضارة المادية المعاصرة والإنسان غير الطبيعي هي مشكلة المخدرات واللجوء إلى استخدامها والإدمان عليها.
وتؤكد الإحصاءات التي تقوم بها المعاهد والجهات المختصة أن من مشاكل المراهقين والشباب المعقدة ذكوراً وإناثاً هي مشكلة تناول المخدرات، فلهذه المواد آثارها ونتائجها السلبية الهدامة في مجال الصحة الجسدية والنفسية والاقتصادية وفي مجال الجريمة والانحراف السلوكي العام والتأثير على الإنتاج والعلاقات الأسرية والاجتماعية.
رصد ذلك كتاب قراءة في عالم الشباب على الشبكة المعلوماتية، ويشير الكاتب إلى أن المخدرات آفة تدمر طاقة الإنسان وقواه العقلية والنفسية وتسقط وجوده الاجتماعي وتشل قدراته فيتحول إلى عالة ومشكلة في المجتمع ووجود غير مرغوب فيه، ولتناول المخدرات والإدمان عليها أسبابها النفسية والعقلية المرضية التي تبذل الحكومات والمؤسسات الإصلاحية والإعلامية جهوداً ضخمة لمكافحتها وإنقاذ الإنسان من شرورها ولاسيما جيل الشباب والمراهقين.
وقد صدرت عدة قوانين واتفاقات دولية وعقدت عدة مؤتمرات لمكافحة المخدرات على مستوى الإنتاج والمتاجرة والتعاطي اضافة إلى ما تقوم به بعض الحكومات من جهود للقضاء على هذه الآفة الخطيرة، وليس هذا وحسب بل وقد بذلت جهود علمية كبيرة من علماء الطب والكيمياء والاجرام والاجتماع وغيرهم لدراسة ظاهرة تناول المخدرات والإدمان عليها وتأثير ذلك على الصحة الجسدية والسلوك والشخصية والمجتمع ونشاطات الانسان بصورة عامة فكانت كلها تسير باتجاه واحد وهو إنقاذ الانسان والمجتمع من شرور المخدرات، ويؤكد الكاتب ان الدول والمؤسسات الإصلاحية تعتني بإعادة تأهيل المدمنين ومتعاطي المخدرات مهنياً واجتماعياً أي توفير الخبرات المهنية والأعمال لهم وإعادة الاعتبار الادبي والاجتماعي للشخصية المدمنة ودمجها في الحياة الطبيعية من حيث الإنتاج والعلاقات الاجتماعية والسلوك السوي المقبول بعد الانحراف السلوكي والمفارقات السلوكية الشاذة، وحين تتظافر جهود العلماء والإعلاميين والأسرة والمدرسة والقانون والسلطة والمؤسسات الإصلاحية لإنقاذ الانسان من هذا الوباء الخطير، فالشباب هو الأولى بإنقاذ نفسه، إنقاذ شخصيته من الانهيار وسلوكه من الانحراف والسقوط الاجتماعي وتعريض حياته وصحته للخطر وتحوله إلى عالة على المجتمع ووجود ينظر إليه بازدراء وخارج على القانون والقيم الاخلاقية فيجني على نفسه بإسقاط شخصيته وتعريض وجوده للخطر ومن أخطر المخدرات التي يتناولها المدمنون على الصحة والمجتمع والنظام كما يصنفها العلماء، الكحول، الأفيون ومشتقاته، القنب، الكوكايين، القات، المهلوسات، البار بيتورات، الامفيتامينات.
وقد حرمت الشريعة الإسلامية تناول الخمور كما حرمت تناول المخدرات لضررها بالعقل والنفس والجسم والمال وفرضت العقاب على متناولها حماية للصحة الفردية وللمجتمع من شرور هذه الآفات وما تقود إليه من جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والعدوان على الآخرين والمشاكل الأسرية والآثار التربوية السيئة على الأبناء الناشئين في ظل المدمنين من متناولي الكحول والمخدرات الأخرى.
قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}، وبذا اعتبر القرآن الخمر رجساً وعملاً شريراً يجب اجتنابه كما اعتبر القرآن الخمر من الأسباب المؤدية إلى التنازع والمشاكل الأمنية التي عبر عنها بالعدواة والبغضاء قال تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (كل شراب أسكر فهو حرام)، ويضيف الكاتب أنه لشدة الخطر المتأتي من تناول هذه المادة الفتاكة حرم الإسلام صناعة الخمر وبيعه وشربه بل وبيع المواد التي يصنع منها إذا علم أنها مشتراة ليصنع منها الخمر، والاهتمام التربوي والإعلامي والتثقيفي على حرمة الخمر وخطره على الحياة إنما يقوم على أساس حفظ الحياة البشرية ودفع الشرور عنها، ومن أخطر الآثار التي يقود إليها شرب هذه المادة هو التأثير على العقل وفقدان الوعي الذي يتسبب في حوادث القتل والاغتصاب وحوادث السير المروعة، كما يتسبب في إتلاف عشرات المليارات من الدولارات في العام في شرب هذه المواد وللعلاج الطبي منها في حين يمكن توظيف هذه المبالغ الضخمة في مكافحة الفقر وتوفير الخدمات الصحية والعلمية وغيرها للإنسان.
وهذا التبذير والإتلاف المالي يقف وراء شفاء ملايين الأسر وضياع أبنائها إضافة إلى المضار الصحية الخطرة التي تؤدي إليها هذه المادة الفتاكة.
وعلى الله الاتكال.