Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
الحبر الاخضر
الأمير محمد بن نايف الرجل والحدث 2-2
د. عثمان بن صالح العامر

 

إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا إلى الراحة والطمأنينة، وإني أحذر الجميع من نزغات الشياطين والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه الديار، فإني لا أراعي في هذا الباب صغيراً ولا كبيراً، وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره). هذه الكلمات من أقوال المؤسس الباني جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود- رحمه الله-، ومن كان له شرف اللقاء والسلام على صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز في مكتبه بوزارة الداخلية فسيجد على يساره وهو في طريقه للمكان المخصص للسلام على سموه رعاه الله لوحة رائعة دونت فيها هذه العبارة بخط بارز متميز، وهذا دليل على أهميتها في مفردات مدرسة (رجل الأمن الأول) صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز- حفظه الله-، وقد سبق أن أشرت في مقال الثلاثاء الماضي أن لهذه المدرسة أثرها المباشر على فكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، بل إن لهذه المدرسة أثرها على جل رجال الأمن في الوطن المعطاء المملكة العربية السعودية الذين تعلموا فنون الإقدام والمنازلة والصبر والمصابرة في أحضان هذه المدرسة الرائعة التي تستحق الإشادة والثناء في كل حين وآن، فبفضل الله عز وجل ثم بتخطيط ومتابعة ومواجهة وسهر المنتمين لهذا الكيان الوطني إلهام تحقق للوطن والمواطن الأمن والاستقرار وتساقط الإرهابيون واحداً تلو الآخر ولم يبق أمامهم إلا المرحلة الأخيرة من مراحل المواجهة ألا وهي (الاغتيال للشخصيات القيادية البارزة والمؤثرة في المجتمع)، وهذا دليل على إفلاسهم وتساقط أوراقهم إذ من المعروف عند العسكريين أن هذه دائما ما تكون الورقة الأخيرة في جعبة العدو وما بعدها إلا الهاوية بإذن الله، والقتل - كما يقول علماء النفس - هو أقصى درجات العدوانية الموجهة إلى الخلق، أما الانتحار فهو أقصى درجات العنف الموجه للنفس، والقتل أو الانتحار نهاية لسلسلة متكررة من العدوان دون أن يصل الأمر إلى أي منهما أو كليهما، ومنشأ هذا العنف عند الإنسان وبواعثه كثيرة ومتداخلة، وأشدها وأقواها تأثيراً في النفس ما كان نتيجة اعتقاد ديني متشدد، فهو مبني على الغلو والتطرف المنهي عنه عقلا وشرعا، ومع ذلك يمكن لمنظريه وقادته الفكريين أن يلبسوا على الناس - خاصة العوام وصغار السن - معتقداتهم ويؤثروا على أفكارهم ويسوقونهم بالعاطفة الدينية التي لا تحتكم إلى عاقل راشد متزن ولا تبنى على فهم صحيح للنص الشرعي، وهذا هو الحاصل في الخلايا الإرهابية في كثير من البلاد الإسلامية، ومع أن مقام وزارة الداخلية ومن خلفها إدارات الأمن العام في المملكة العربية السعودية والمنتشرة في جميع المناطق والتي تمتد يدها - بتوفيق من الله وعون وبناء على متابعة وحرص دائمين من لدن قادة بلادنا وفقهم الله - إلى كل شبر على أرض بلادنا المباركة حماها الله،، مع أن هذا الفريق المتكامل والمتراص والمنظم والذي يعمل ليل نهار يبذلون كل ما في وسعهم توعية وبياناً، تقصياً ومتابعة ورصداً وإذا احتاج الوضع مواجهة وقبضاً بل ربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك كما يعلم الجميع ومن بعد مناصحة وردا، إلا أن الإشكالية أكبر من ذلك بكثير، والمسؤولية مسؤولية مجتمعية عامة تمس الصغير والكبير العالم والمتعلم المرأة والرجل، إنها مسؤولية تقع على عاتق الوالدين أولاً ومحاضن التربية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة بعد ذلك ثم يأتي الحل الأمني الذي هو مرحلة علاج في الأساس، ولذا كان التأكيد المستمر من صاحب السمو الملكي الأمير وزير الداخلية على وجوب تكاتف الجهود وقيام الأسرة والمدرسة والمنبر الإعلامي عموماً والمسجد على وجه الخصوص بدوره التوعوي والإرشادي والتربوي المطلوب وكما قيل :( درهم وقاية خير من قنطار علاج ) ولعل القارئ الكريم يذكر جيداً كلمة وزير الداخلية التي أطلقها شعاراً وطنياً لا ينسى { المواطن رجل الأمن الأول } ومما يذكر في هذا المقام أن وزارة الداخلية السعودية اعتمدت إستراتيجية أمنية متكاملة تستند على الأسلوب العلمي إعداداً وتنفيذاً مع الاستفادة من تقنيات العصر وتعزيز تعاونها الإقليمي والدولي لمواجهة الإرهاب والتصدي له، وقد أشركت المواطن والمقيم وطلبت تعاونهما معها في هذه المحنة، وأثمرت الجهود خلال الفترة الزمنية الماضية ولله الحمد والمنة ثمرات طيبة، وأشيد من قبل ولاة الأمر- حفظهم الله- بتعاون المواطنين ودعمهم للجهود العلاجية المتخذة، وهذا ليس بغريب على المجتمع السعودي الذي لم ولن يساوم على أمنه، وسيقف صفاً واحداً تجاه هذه المخططات المشبوهة التي تدور في عقول أقطاب الفئة الضالة ويريدون أن تكون أرضنا مسرحاً للتطبيق، ومع ذلك كله فإنني أجزم بأن المطلوب منا جميعا - وبكل صراحة ووضوح - أكثر من ذلك بكثير خاصة بعد أن وصل الأمر إلى هذه الدرجة من التهور والتجاوز من قبل هؤلاء الإرهابيين الذين لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، والوطن عقيدة وقيادة وشعباً وأرضاً (يستحق منا بذل المزيد حماية ورعاية وحفظاً، تطويراً وتنمية وبناءً.

وإلى لقاء




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد