Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
الإرهابيون.. صنَّاع الدسائس!
رمضان جريدي العنزي

 

الأحزان تلو الأحزان.. والدسائس تلو الدسائس.. والمآتم تلو المآتم.. والدماء تلو الدماء.. والجنازات تلو الجنازات.. الإرهابيون هم من يصنعون ذلك عنوةً وقصداً.. يحاولون إلغاء الحياة عبثاً يحاولون.. يزرعون الأرض بالوحل والطين.. يحاولون أن يوقفوا عن العالم تساقط المطر وخيوط النور

.. يسيرون في الأرض رعباً وتيهاً.. يأخذون العالم بالذهول وبالانكسارات الحادة.. الإرهابيون حشود هائلة من البشر.. لهم أجساد متفاوتة.. وعقول غائبة عن الوعي.. نفوسهم متشنجة.. رؤوسهم تتمايل.. أكتافهم تهتز طرباً للقتل والدمار والخراب والهلاك.. أنفاسهم متقطّعة.. وصدورهم معبأة بهواء غير مؤكسد وغير نظيف.. وحتى أحلامهم موغلة بالضباب وبالرماد.. يغرقون بأقصى درجات السواد.. الحياة ليست مقدسة عندهم.. وليس لهم مشروع حي متطور.. عطشى هم دائماً للقتل والدم والدمار وارتكاب الحماقات.. ويملكون فن إبادة الأشياء.. يفجّرون أنفسهم ويقتلون الآخرين.. مواكبهم عامرة بالإبادة.. يأخذون العالم من حزن إلى حزن.. ومن وجع إلى وجع.. ومن حماقة إلى حماقة.. ومن جريمة إلى جريمة.. ولا يقفون عند حزن معين.. أو وجع معين.. أو حماقة معينة.. أو جريمة معينة.. الفرح في قلوبهم محدود.. ثمة أفراح عندهم.. لكنها قليلة وضئيلة ورديئة.. سائرون في طرق الغي والضلال والظلام حتى العظم.. يجلدون أنفسهم بالكذب والازدراء.. ويعذبون أرواحهم بالبهتان.. لهم سهام مسمومة.. جلاَّدون هم.. يكرهون كل منجزات العصر.. ويحبون النكوص إلى الوراء.. لا يحبون العمارات الشاهقة.. ويعشقون الكهوف الحجرية.. لا جديد لديهم سوى التفنن في الإبادة وفي الخيانة وفي رد الإحسان بالإساءة.. لهم سيكولوجية خاصة.. ورجس خاص.. وشرور خاصة.. وكآبة خاصة.. ومزاج خاص.. يتشحون بالسواد.. أشباح هم.. مصاصو دماء.. يعرفون كيف يسيلون الدماء ويلعقونها.. مشاعرهم متكلسة.. يريدون أن يطحنوا العالم كحبات قمح في طاحون صخرية ليذروه مع الريح.. لكن الريح عليهم قادمة.. ستلوي أعناقهم.. وسيسحقون.. وسيرمون في الأودية السحيقة.. وسيلفظون من رحم العالم.. لأن فلسفتهم بدائية وقديمة وبضاعتهم التي في رحلهم عتيقة.. ولأنهم بلهاء.. غير أسوياء.. وغير منطقيين.. ولأنهم يستخفون بالحياة.. وحرمة الدم وقيمة الإنسان وآدميته.. إن الإرهابيين لا يملؤون الحياة بالفرح ولا بالحبور ولا بالسرور ولا بصفاء النوايا والصدور.. بقدر ما يملؤونها بالأتراح وبالأحزان وببارود الرعب وقذائف القتل والاغتيال.. وفنون الدسائس والنكبات.. وسوء المقاصد والنوايا.. في دواخلهم أشياء قبيحة تزدحم بتنافر بلا هوادة.. تتسلّل إلى أرواحهم كشموع ذابلة لا تغري.. ولا تصيب القلب بالتوهج.. يحاولون الاستفاقة لكنهم يجدون أنفسهم دوماً في بقعة معتمة لا يعرفون لمقاييسها حدوداً.. بقعة رمادية لها خطورة وتلوث ودخان فاحم اللون.. ولها سخونة وضجيج وغازات سامة.. ليس لهم حديث أبيض.. ولا مفردة بيضاء.. ولا عهد أبيض.. ولا ولاء أبيض.. وليس لهم سرد ناصع.. مغرقون هم بالغموض وبالسرية وبالتأويلات القسرية.. لهم أعمال تصيب بالإحباط وبالمرارة وبالغثيان وبالتقيؤ وبالدوار.. ولهم نصوص جريمة مجسدة لها سياقات تسهم في شحن الرأس بصداع مخيف.. لهم مفهوم حياتي ضيق مفهومه، الأنانية والتفرّد والسطوة والسيطرة.. من أجل مصالحهم الذاتية يسلبون وينهبون ويخطفون ويرتكبون الجريمة ويلوون أعناق النصوص الدينية والشرائع السماوية.. دون وازع ديني أو أخلاقي أو اجتماعي.. لقد أفسدوا طبع الحياة وأطفؤوا ضوء الشموع بواقع وإرهاصات وهيمنة وسلوكيات غير سوية.. إنهم هياكل يحيطها مفازات الظلام بوجع معجون من خوف وهلع وارتباك.. يسيرون بلا نجمة ولا هدى ولا قمر منير.. غابت عنهم النخوة.. لا خيل لهم تصهل.. فيما عيونهم غارقة بالوحشة وبالترقب.. لهم أحلام وأوهام كاذبة.. ما يفعلون سخام في سخام وكل ما يرتكبونه سخام.. لهم ندوب سوداء حالكة ونياشين وقلائد خزي.. وصباحات مسمومة ولغة ميتة.. يئنون مثل ناي أعمى.. في ريح صرصر عاتية.. رماد هم.. وآبار وحشة.. وبيد بوار.. محترقون أينما تولوا يذوقون العناء.. رياحهم رعناء.. هوجاء.. ودماؤهم ملوثة بالعار.. تجلهم البذاءة مثل حصان مريض يجلد بسوط عذاب.. لهم جمر حارق.. وجلجلة أصوات.. ونمو لكنه ليس كنمو السنبلة.. يكرهون الحياة.. ويحبون الأضرحة.. أعمالهم لها لون الفساد وأصل المهزلة.. لهم نظرات ذابلة.. وعيون زائغة.. وبرك أسى.. وشطآن أحزان.. وشرود أذهان.. ونهايات بائسة..لا هديل لحمامهم.. فرشهم لهب.. ونومهم خفيف.. وأصواتهم مبحوحة.. ونمارقهم غير مصفوفة.. وأحلامهم لها ازدحام غير مشروع.. خارجين هم من رحم الأكذوبة.. لهم عظام رميم.. وجماجم حطام.. وآثام تلو الآثام.. نعوذ منهم برب الأنام ورب المقام ومقدّر الصحو والمنام.



ramadan.alanazi@aliaf.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد