Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
غدر المجرمين
أ. سلمان بن محمد العُمري

 

حينما أراد خطيب الجمعة الماضية أن يختم خطبته بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم توجَّه بالدعاء إلى المولى عز وجل، ومن الدعاء الذي قال خطيب الجامع (اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوء فاشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره) فضج المسجد (آمين.. آمين).

وقفت عند هذا الدعاء ولم أدرك ما بعده من دعاء حتى أقيمت الصلاة. توقفت عنده وأنا للتو قبيل ساعات أستمع إلى الحديث الأبوي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله - عقب المحاولة الإجرامية التي قام بها أحد المفسدين فرد الله سبحانه وتعالى كيده في نحره، وكفى الله المسلمين شره وبغيه.

لقد جمع المفسدون في هذا العمل الإجرامي البغيض جميع المفاسد، وخبث النوايا والشرور، حينما أقدم هذا المفسد بعمله الإجرامي بالاعتداء على الأنفس في شهر رمضان المبارك، شهر المغفرة والرحمة والإحسان، وجمع إلى سوئه سوءاً أكبر حينما ادعى رغبته في تسليم نفسه، وكان من الخائنين الغادرين الذين لا يفون بذمة، ولا يحفظون عهداً ولا ميثاقاً، فاتصف بصفة المنافقين والضالين.

إن الخسة والسوء والإفساد، وقُل ما شئت من مصطلحات تتوافق وتتوازن مع هذا العمل المشين، لن تنال بإذن الله سبحانه وتعالى من مواقف ولاة الأمر - حفظهم الله - في استتباب الأمن، واقتلاع جذور التخريب والفساد، بل ستزيدهم مع أبناء هذه البلاد لحمة وقوة وتماسكاً وتعاوناً وتكاتفاً في نبذ هؤلاء البغاة المجرمين المارقين عن الدين، والمتنكرين لأهلهم ومجتمعهم، الخائنين لوطنهم.

لقد أعمى الشيطان بصائر هؤلاء المفسدين وقلوبهم عن الحق.. فأين هم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..) الحديث، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً). ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة: (ما أطيبك وما أطيب ريحك، ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك).

وغير ذلك من النصوص من الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، وليس هناك عاقل مدرك، رزقه الله الإيمان والعقل، يتعاطف مع هؤلاء، وهو يعلم ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار).

إن الأعمال الإجرامية لهؤلاء المفسدين لتؤكد يوماً بعد يوم أن هؤلاء يقفون مع أعداء الإسلام لمحاربة الإسلام والمسلمين باسم الإسلام، وهم أداة لتنفيذ مخططات أعداء الإسلام حينما يتم استغلال السذج والقاصرين في الفهم والإدراك فيعملون على تشويه صورة الإسلام أولاً من خلال أعمال إجرامية تقع في بلاد الحرمين، والأمر الآخر وهو الهدف الأكبر للأعداء: محاولة التأثير على الدين بضرب قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وهذا الاتفاق الضمني أو العقلي بين أهداف المجرمين ومنفذي العمليات الإجرامية، وأهداف أعداء الإسلام ليس غائباً عن إدراك ولاة الأمر - حفظهم الله - الذين أعلنوا أن مثل هذه الأعماا الإجرامية لن تزيدهم إلا تمسكاً بشرع الله الصحيح، وأن مسؤولية الدفاع عن وجه الإسلام المشرق تحتم على الجميع مواجهة هذه الشرذمة الضالة من المخربين؛ حتى يتم اجتثاثها من جذورها، وهو ما عبر عنه صراحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظهم الله - في أكثر من مناسبة. ولا شك أن هذا الموقف الراسخ لولاة الأمر في مواجهة الإرهاب بكل صوره دفاعاً عن صورة الإسلام، والتفاف أبناء الوطن حول قيادته الرشيدة في هذه المعركة، هو ما اغتاظ منه منفذو العمليات الإجرامية فعملوا على استهداف رجال الأمن.

ثم إن الطامة الكبرى التي تقع على هؤلاء، ومن يقف في صفهم من أعداء الدين والوطن، ويغيظهم ويصيبهم بالشعور بالرعب، الضربات الاستباقية لرجال الأمن البواسل وقادته، حينما يكتشفون ويصلون إلى مخابئ المجرمين وشبكاتهم؛ فيحمون الوطن والمواطن والمقيم من شر هؤلاء، فمن الكشف عن الخلايا الإرهابية، واكتشاف مخابئ الأسلحة والمتفجرات، وغيرها من الأعمال الأمنية الاحترافية الجبارة، كلها كانت دائماً وأبداً ما تصيب هؤلاء بالخبال والاضطراب.

ولقد كانت عناية الله سبحانه وتعالى، ثم يقظة رجال الأمن، وتوفيق الله لهم، أكبر من مكر هؤلاء وحيلهم الشيطانية، ومكرهم وعدوانهم وإفلاس هؤلاء فكراً وعملاً تؤكده المحاولات اليائسة منهم في إثبات الوجود، ولكن الله سبحانه وتعالى قبل خلقه لهم بالمرصاد.

لقد حفظ الله من قبل بلادنا من هؤلاء المخربين، وحفظ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، وهو الذي كان دائماً وأبداً مع رجال الأمن البواسل، يضربون أروع المثل في التصدي للإرهاب، وضحوا بأرواحهم دفاعاً عن أمن الوطن والمواطن، وحماية لمكتسبات بلادنا من أن تنالها أيدي العابثين المخربين.

اللهم احفظ بلادنا من كل سوء، واحفظ ولاة أمرنا ووفقهم لكل خير، ورد كيد الأعداء يا مجيب الدعاء.



alomari 1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد