* من نعم الله وفضله، بل وحكمته أن يستهدف أحد الموتورين واحداً من رموز قيادتنا الحكيمة، وهو على تلك الصورة. صورته، وهو يستقبل على عادته مواطني بلده، سواء كانوا مهنئين بمناسبة، أو طالبين قضاء حاجة. في ذلك الموقف إحياءٌ لسنة حميدة، وعادة اجتماعية عريقة أصيلة متوارثة، لم تنقطع بين هذا الشعب الوفي وولاة أمورهم:
|
وما كان من فضلٍ أتوه فإنما |
توارثهُ آباء آباؤهم قبلُ |
* موقف حميمي، وعواطف نبيلة، وخلق رفيع، قوبل بالتنكر للأسف. موقف رائع استمده الأمير الشجاع من أرومته الطيبة، ومحتده الأصيل. هذا السلوك أعاد لي التمثل بأبيات النابغة، وهو يفتخر بممدوحه قائلاً:
|
ملكنا، ولم نكشف قناعاً لحرةٍ |
ولم نستلب إلا الحديد المسمّرا |
ولو أننا شئنا سوى ذاك أصبحت |
رقابهمُ فينا تباعُ وتُشترى |
ولكنّ أحساباً نمتنا إلى العلا |
وآباء صدقٍ أن نروم المحقّرا |
* هذا هو بالفعل موقف الكبار، والقادة العظام من الأفعال الحقيرة منذ قديم الأزمان إلى يومنا الحاضر، وها هو الأمير (محمد بن نايف) يبعثه فينا حيّا، بعد أن كادت أن تفنى هذه القيم السامية على يد بعض اللئام المأفونين.
|
* لم تكن لغة التهديد والقسوة، أو لغة الثأر والانتقام رغم امتلاكه لها بعد هذا الحادث المؤسف هي لغة الأمير الإنسان، أو والده القائد المحنك، بل كانت المفاجأة للقاعدة وأتباعها، التي ستقطع عليهم خططهم هو التصريح باستمرار فتح قنوات التواصل والاتصال مع العائدين إلى طريق الصواب. واليد الحانية، والقلب الكبير، والعقل المستنير يتسع لهذا وأكثر.
|
* سياسة الباب المفتوح التي تربى عليها الأمير، واتخذها منهجاً وسلوكاً له في حياته العملية لاحتواء من ضلوا الطريق تعد من أكبر الضربات الموجعة، والأقوى فاعلية على المنظرين لفكر القاعدة في الداخل والخارج.
|
* ربما يغيب عن أذهان البعض أن من أساليب هذه التنظيمات الحركية هو محاولة الإيقاع بين الشعوب الإسلامية وقياداتها، وبين هذه المجتمعات وعلمائها، بل ربما يخفى أن هذا التوجه أو المنهج سابق للمواجهات المسلحة التي شهدتها هذه البلاد وغيرها من البلدان بسنوات قد تزيد على عقدين من الزمن. والأبواق التي كانت وما زالت تعزف على هذا الوتر في الخارج هي المغذية لتلك العقول الساذجة بيننا، والتي راحت ضحية لقوى الشر والطغيان.
|
* باعتبار أن المستهدف من هذه العملية البشعة الغادرة هو العين الساهرة على هذه البلاد، والقلب النابض الحي في هذا الكيان الكبير لم يكن غريباً على الإطلاق أن تكون ردة فعل الشعب المتماسك بهذه الحدة، وذلك العنف في الطرح، والمطالبة بالمواجهة الحاسمة لهذه الأيادي التي تحاول النيل من وحدة ولحمة هذا الكيان، ومع ذلك أقول: إن في حزم الأمير وعزمه، وحكمته وحنكته، وصرامته وحلمه، وما يمتلكه من سعة في الأفق، ورجاحة في الرأي ما يجعلنا نحتكم ونطمئن إلى منهجه في التعامل، وخبرته الكبيرة مع هذه المواقف وتلك الفئات، حفظ الله هذا البلد وقادته من كل مكروه.
|
|