العظماء كثيرون، والأولياء معروفون، والأبطال لا يُجهلون ولكن للعظماء عظيم وللأبطال بطل، وللأمراء أمير، إذا ذكر لا يذكرون، عظيم لا يظلم، وولي لا يفتر، وأمير لا يسرق، في المعارك ليث، وفي المنابر غيث، أعجز العظماء، أفحم البلغاء، أتعب الأولياء، وأقلق الأعداء، لا يفر وإن كان وحيداً، لا يخاف وإن كان فريداً، لا ينهزم وإن كان طريداً، اسمه ذاع وانتشر، أفعاله مشهورة، أقواله محفوظة أيامه معروفة أحبه الناس، والأقلون الأرذلون الضالون، خرجوا من وعلى الناس، بل يحبه رب الناس ورسوله، إنه أول فدائي اضطجع على فراش الموت في بيت مستهدف، إنه من يجثو على ركبتيه ليخاصم (هذان خصمان اختصموا في ربهم) إنه صدق في أحد، وأبلى يوم الأحزاب، إنه من أهل بيعة الرضوان، إنه صاحب خيبر الذي يحبه الله ورسوله، إنه قاتل مرحب أشد يهود، إنه وزير الرسول يوم تبوك (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) إنه المبلغ عن رسول الله يوم الحج الأكبر لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، مكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة، لم ولن تحصل لأحد من بعده، سيقتل هذا العظيم ويراق دمه، وتنتهك حرمته على أيدي خونة مفسدين وغادرين، وناكثين، وناقضين ليسوا يهوداً، أو نصارى أو ملحدين، ولا جهلة بادية وألسنتهم بذكر الله مرددة، مرقوا من الدين بسفك أعظم دم سفكوه يوم أن انبعث أشقاهم عبدالرحمن بن ملجم الخارجي، ليتقرب إلى النار بذنب عظيم، وجريرة كبرى ومصيبة عظمى، ألا وهي قتل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، باء بالاثم وتبوأ الوزر والنار موعده، مع أن الشهيد علي كان يردد هذه الأبيات إذا نظر إلى ابن ملجم ويقول:
|
أريد حياته ويريد قتلي |
عذيرك من خليلك من مرادي |
وهل اعترف ابن ملجم بذنبه واستغفر ربه، وتاب وأناب.. لا ثم لا، لكنه ضل على ضلالته واستمر على عماه، حتى إذا أرادوا أن يقتلوه ظل يذكر الله، يقول الذهبي: (وكان ممن قرأ القرآن والفقه.. قرأ القرآن على معاذ بن جبل.. وكان من العباد.. وهو عند الخوارج من أفضل الأمة وفيه يقول (الضال) عمران بن حطان الخارجي:
|
يا ضربة من تقي ما أراد بها |
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
إني لأذكره حيناً فأحسبه |
أوفى البرية عند الله ميزانا.. ا.هـ |
وهو ممن قال الله فيه وفي أمثاله {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً}، إنهم الخوارج البغاة المارقون الأخسرون أعمالاً كفروا أعظم الناس إسلاماً، وتجرأوا على الفضلاء، وسفكوا الدماء، وروعوا الآمنين ولم ينتهوا بل ضلوا على عقيدتهم وفكرهم الفاسد إلى وقتنا هذا، فبغضهم طاعة، وهجرهم سنة، والتحذير منهم قربة، وعداوتهم فطنة، ومحاربتهم شجاعة (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) فنحن مجمعون على ضلالتهم لأنهم قتلوا علياً، وفرقوا الأمة وخرجوا على الأئمة، ونحن معتدلون في أميرنا علي بن أبي طالب على حد قول القائل:
|
لا تنتقصه ولا تزد في قدره |
فعليه تصلى النار طائفتان |
طائفة لا ترتضيه خليفة |
والأخرى تنصه إلها ثان |
مدير إدارة الأوقاف بمحافظة المجمعة |
|