(المَجدُ عُوفِيَ إِذ عُوفِيتَ وَالكَرَمُ.. وَزالَ عَنكَ إلى أَعدائِكَ الأَلَمُ.. صَحَّت بِصِحَّتِكَ الغَاراتُ وَابتَهَجَت.. بِها المَكارِمُ وَانهَلَّت بِها الدِّيَمُ.. وَراجَعَ الشَّمسَ نُورٌ كَانَ فارَقَها.. كَأَنَّما فَقدُهُ فِي جِسمِها سَقَمُ.. وَلاحَ بَرقُكَ لِي مِن عارِضَي مَلِكٍ.. مَا يَسقُطُ الغَيثُ إِلاَّ حَيثُ يَبتَسِمُ).
ساء كل مواطن شريف ما تعرض له راعي الأمن في البلاد من مؤامرة خسيسة اقترفها مجرم غدار وخوان أثيم قابل الثقة والاستئمان والاستقبال الحسن بالجحود والنكران والخيانة.
لقد أكمل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في شهر مايو الماضي عقداً من الزمان حارساً لاستقرار الوطن وسلام المواطنين، وقائداً أمنياً استأمنه الناس على عقولهم وحياتهم وأموالهم وأعراضهم واطمأنت إليه نفوسهم؛ حتى أثنى عليه القاصي والداني.
ففي يوم الأربعاء 12-5-1999م الموافق 27-1-1420هـ صدر الأمر الملكي بتعيين سموه مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بالمرتبة الممتازة؛ ليكون العين الساهرة على أمن بلاد مترامية الأطراف، شاسعة المساحات، مهبط الدين الحنيف، وحاملة أمانة الرسالة الإسلامية إلى مختلف البقاع والأصقاع، أرض الحرمين الشريفين التي يتوجه إليها المسلمون من كل أنحاء العالم يومياً في صلاتهم، حيث قبلتهم الكعبة المشرفة، كما يتوافدون عليها كل عام لأداء مناسك الحج والعمرة.
والأمير محمد كل مَن يعرفه أو يعمل معه يلمس فيه كرم الأخلاق والاعتدال والحكمة والرحمة والخير والطيبة والتواضع، وقد ورث هذه الشمائل كابراً عن كابر؛ فهو الابن الثاني لصاحب السمو الملكي الأمير نايف وزير الداخلية ورجل الأمن الأول، وحفيد صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة الحديثة وباسط جناح الأمن والسلام فوق ربوعها.
لقد جاء اختيار الأمير محمد لهذه المهمة الجليلة لما رأت فيه القيادة الرشيدة القوة والأمانة ولمست لديه إيمانه القوي بأن أمن بلاد الحرمين الشريفين قضية لا تقبل المساومات ولا تخضع للمزايدات والمهاترات ولا تهزها الزوبعات؛ فكان سموه عند حسن الظن به؛ إذ واصل العمل ليل نهار، يقضي أكثر من 16 ساعة مزاولاً له، جاعلاً مهمة توفير الأمن في المجتمع من أهم مطالب الحياة، وفي قمة الأولويات لتحقيق مصالح الفرد والدولة؛ فبدون تحقيقه لن تتمكن المملكة من النهوض بشعبها والتطلع إلى مستقبل أفضل.
والأمن في فكر الأمير له معنى شامل في حياة الإنسان؛ فهو يشمل، فضلاً عن ضمان أمنه على حياته, الأمن على عقيدته التي يؤمن بها, وموارد حياته المادية وهويته الفكرية والثقافية، ولا سيما في هذا العصر الذي تنوعت به مسارب الشبهات وتأججت نوازع الشهوات وغدا الشباب معرضاً لسهام مسمومة ورماح غدر مأفونة، ذاق مرارتها المجتمع في انحراف وغلو وتكفير وانحلال خلقي مقيت. وقد أظهر سموه بحسن إدارته وسياسته مرونة في التعامل مع الإرهاب تؤازره رؤيته الثاقبة في أنه يجب ألا يقتصر على الزاوية الأمنية البحتة وإنما على المستوى الفكري بتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمساهمة الجدية في إرساء ثقافة عقلانية واعية متزنة وحوار نقدي مع الذات والآخر لإنقاذ الشباب من شر الأفكار المدمرة.
لهذا تحققت على يديه - بفضل الله سبحانه ثم بفضل حنكته وبواسل جنده - الإنجازات الأمنية الباهرة التي تعددت وتنوعت بين حماية ثغور المملكة وتخومها من شر المخدرات وتهريب السلاح والعصابات الإجرامية، وحماية المواطنين والمقيمين من الفئة الضالة التي أرادت ترويع الآمنين وإزهاق أرواحهم من خلال فكر دخيل على هذا الدين الحنيف بعيد عن السلفية الحقة التي ينهجها آل سعود حكام هذا البلد الأمين، وأثبت للجميع نجاعة الاستراتيجية الأمنية التي توختها الدولة في التطويق السريع والملاحقة الناجحة والاستباقية للخلايا النائمة والمستيقظة للإرهاب.
وامتدت جهود سموه الأمنية إلى الشبكة العنكبوتية؛ فوضعها في إطار خطط حماية البلاد من الأخطار التي تبث، سواءً أكانت دينية أو أخلاقية، تدعو إلى الرذيلة أو إلى العنف، وقد حالفه التوفيق في القضاء عليها ودفع شرها، وهو ما يثلج قلب المؤمن الغيور على دينه ووطنه.
أما عن حماية حجاج بيت الله الحرام ومعتمريه وأمنهم فيوليه الأمير محمد بن نايف جل اهتمامه؛ إنفاذاً لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية بتقديم الخدمة المثلى لضيوف الرحمن؛ ليؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة من خلال تهيئة وتجهيز الأماكن المخصصة للقوات المشاركة في مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو على الطرق التي يستخدمها الحجاج، والاضطلاع بأعباء كبيرة في تأمين السلامة وتوفير الأمن والطمأنينة لهم جميعاً، وذلك بتسيير دوريات أمن على جميع الطرق الطويلة المتصلة بمنافذ المملكة البرية والموصلة إلى الأراضي المقدسة لمراقبة حركة السير عليها في زحام الموسم، والحيلولة دون وقوع حوادث أو أي اختناقات مرورية، وتوزيع رجال الأمن بالأعداد المناسبة التي تكفي لتغطية كافة احتياجات الحجيج في جميع المواقع في كل من مدن الحج والمشاعر المقدسة، فضلاً عن جهود التوعية التي يقوم بها الأمن العام ببث الكثير من الرسائل التوعوية والإرشادية المبنية على الاستراتيجية التوعوية، وهي جهود يقف خلفها الأمير محمد واستحق عليها الترقية فصدر في 4-5 -1425هـ الأمر الملكي الكريم بتعيين سموه مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بمرتبة وزير، ثم صدر الأمر الملكي بتمديد خدمته مرة أخرى في 4- 5-1429هـ.
أما عن إنسانيته فقل ما تشاء وحدث؛ فسجل أعماله زاخر وغني؛ فكم تبرع بسخاء للمؤسسات الخيرية والدعوية ولمناشطها في نشر العقيدة الصحيحة ومحاربة الأفكار الهدامة وتوعية المجتمع والتحذير من الفكر الضال وتصحيح المفاهيم المغلوطة وإبراز دور العلماء في الدعوة إلى الله ونشر الخير، وكم تكفل بعلاج المرضى من العسكريين على نفقته الخاصة، وزارهم في المستشفيات، وتراه يقبّل الجرحى ولا يمل الاتصال بهم للاطمئنان على صحتهم، ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم؛ فتراه في الفرح أول المهنئين وفي الحزن أول المواسين والمعزين، كما تراه يزور عائلات شهداء الواجب ويحتضن أطفالهم والدموع تسيل على وجنتيه شفقةً عليهم وحزناً على مَن افتدى الوطن بروحه.
ولا ننسى موقفه من الشباب العائدين من معتقل غوانتانامو وتكفله بجميع تكاليف زواجهم، وإصداره توجيهات بصرف مكافأة شهرية لكل منهم وتأمين الوظيفة أو إكمال الدراسة لمَن يرغب، وذلك ليعودوا إلى مجتمعهم أكثر قوة في خدمة الدين والوطن وليكونوا مواطنين صالحين ولبنة من لبناته، وهو ما مثل نموذجاً فريداً قل أن يرى له مثيل في دول أخرى؛ مما يدل على أن الدولة لا تتخلى عن أي من أبنائها ورعاياها أينما كانوا بما يمليه الواجب والحرص على حمايتهم والتعامل الأمثل معهم مهما كانت الظروف.
مدير عام شركة (تمكين)