إن محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية مساء يوم الخميس 6 رمضان 1430هـ في منزل سموه، وهو يستقبل المهنئين بحلول هذا الشهر، دليل على جرأة مروجي الفكر ..
...الضال ومنفذيه ليس على مقدرات البلاد بل على قيادته؛ إذ تمت مقابلة إحسانها للراغبين في التوبة بالإساءة.
جهود مقام وزارة الداخلية لنشر ثقافة الأمن الفكري للأسر وفئة الشباب ملحوظة ومشكورة؛ فمن خلال قنوات رسمية مثل: الإدارة العامة للأمن الفكري بالوزارة ولجنة المناصحة وكرسي الأمير نايف للأمن الفكري، والمساجد ووسائل الإعلام المتنوعة، استطاعت أن تقطع أشواطاً في تحقيق الوعي بهذه الثقافة.
لكن هذه الجهود ليست كافية، على أهميتها، ولعل من المفيد تجريب جهود أخرى لنشر ثقافة الأمن الفكري، ومنها: تكليف التربويين بالجامعات ووزارة التربية والتعليم بإعداد رسائل قصيرة SmS بأسلوب تربوي مبسط، ويوجه بعضها لأولياء أمور الشباب، وتدور فكرتها حول تذكيرهم بنعمة الأبناء، ووجوب برهم بما يتناسب مع طبيعة كل واحد منهم، ومصاحبتهم، والتوازن بين مطالبهم ومطالب أبنائهم، والترفع عن هفواتهم وعن وجوب الانتماء إلى القيادة، وتعريفهم بها، وبأشكال الولاء اللازم لها، وتدعيم ذلك بذكر أدلة من الكتاب والسنة وتراث السلف الصالح.
ويوجه بعضها الآخر للشباب أنفسهم، وتدور فكرتها حول بر الوالدين، وذلك بتنفيذ توجيهاتهم، والاهتمام باختيار الرفيق، وإعمال الفكر عند سماع أحاديث من أي نوع، وتذكيرهم بفضل هذه البلاد على أهلها، وتعريفهم بأشكال الانحراف الفكري، ووجوب التعاون مع الجهات الرسمية.
وتتولى شركات الاتصالات إرسالها على جوالات أولياء الأمور والشباب تحت إشراف رسمي من قبل مقام وزارة الداخلية، ولا تخفى على أحد تجربة شركات الاتصالات في التواصل مع عملائها عبر الرسائل القصيرة.
وفي ضوء خبرة أكاديمية متواضعة، أستطيع القول إن هذه الرسائل ستحقق الهدف المرجو؛ لأنها ستصل إلى جميع المشتركين في خدمات هذه الشركات من أولياء الأمور والشباب، وهذا ما لم يتحقق من خلال القنوات الرسمية المذكورة، بسبب توجهها إلى أعداد محدودة من الجمهور المستهدف، كما أن صياغتها ستكون بأسلوب مبسط يفهمه القارئ العادي؛ وبالتالي ستؤثر فيه على النحو المرغوب فيه.
لقد أظهرت كتابات عديدة تتعلق بالشباب سمات شخصية لهم، منها السمات الدينية: مثل غزارة الانفعالات الدينية كالخوف والرجاء والخشوع والعطف، وحب العمل التطوعي الجماعي، والميل إلى الجهاد وكل عمل يتطلب القوة والبطولة والتضحية، وسرعة الشعور بالذنب والتقصير، وشدة التأثر والاستجابة لما يُسمع أو يُرى من الأقوال والأفعال، وسرعة التقلب في العواطف؛ فالشاب يحب ويكره ويفرح ويغضب بسرعة، وكذلك التسرع في اتخاذ القرارات.
وللأسف الشديد، عرف المروجون للفكر الضال هذه السمات، وتفهموها على نحو سليم، واستغلوها، واستطاعوا جذب الشباب إلى صفهم، وتغذية عقولهم بمفاهيم تستند إلى أفكار باطلة يحاربها الإسلام ويرفضها الفكر السليم وثوابت المجتمع الأصيلة، بينما كثير من أولياء الأمور، وهم المسؤولون الفعليون عن رعاية أبنائهم، يجهلونها، كما أثبتت ذلك كتابات متنوعة عن انحراف الشباب، ويكتفون بترديد مقولة اجترتها الألسن كثيراً، وأضحت من المقولات التي لا تقبلها أذن السامع، وهي مقولة: إن هذه المرحلة العمرية حرجة وتحتاج إلى صبر.
ومن تنظيم العمل لهذه الرسائل، تأخذ رمز (فكر)، ولا تتجاوز ثلاثة أسطر إذا كانت الرسالة كلامية، كما يسمح بإرسال صور عن التلفيات التي حدثت من المغرر بهم، وتذكر إحصائيات عن أعدادهم، والعقوبات التي طبقت بحقهم، وأشكال العفو الرسمي عن التائبين، ومقولات للآباء الذين فقدوا أبناءهم من جراء السير مع أصحاب الفكر الضال.
أستاذ مشارك - كلية المعلمين - جامعة الملك سعود
drmusaedmainooh@hotmail.com