Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
لما هو آت
إنها مراحل ودرجات..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لنتفكر في تقسيم الله تعالى لأيام رمضان، فالعشرة الأُول للرحمة، أتأمل كيف يكون حال الصائم في هذه الأيام، فللجسم عاداته التي لا يتكيف معها صوماً إلا تدرجاً، حتى إذا ما تأقلم الجسد مع قليل الزاد، والماء، في اتساق مع عمل الجوارح طاعة بلجم رغائبها، وتدرُّبها حركياً مع الصلاة، والسجود إطالة لم تعهدها في غيره، تبدأ استقبالاً للغور انسياباً مع عبادة معمَّقة أداءً حركياً، وجوفياً, يستسلم له العبد في يقظة ودأب, بالوجدان والفكر والنفس، فما يكون عطاء الله فيها إلا رحمته الشاسعة الواسعة, الرؤومة، الرفيقة، الحاوية, لصغائر ما يسهو, أو يعجز، أو يقصر،...

تلك الدفعة القوية للهمة فيه، بترغيب أكبر, لمغفرة أعلى غاية لهذا المخلوق المحتاج لربه، والمنتظر لمغفرته، فيحثُّ في العشرة الثانية عملاً بجوارحه, فيمعن في توظيف جسده وجوفه معاً للطاعة, والعمل، فتغدو كل سلامة فيه قد استبدلت العادة في غير رمضان, بما هو فيه من واجبات الإكثار من الأداءات الروحية, والعقلية، والنفسية، والجسدية، عبادةً مسخرةً بعفوية الأداء, وقصدية الرغبة، يؤدي العبد فيها عبادته بطواعية، فيحقق الله له مقصده مغفرة بعد رحمته،...

على أن الرحمة الإلهية وعاء لكل لحظة فيها يؤدي المرء حركاته, وأفعاله، وأقواله، ونواياه،..

فما يكون منه إلا الإقبال في الزيادة, بعد أن يكون قد تدرب على صيام كل جوارحه، وأفكاره، ووجدانه, ونواياه، وسخرها للعبادة الأعمق، والطاعة الأمثل، والامتثال الأشوق، فتكون الأيام العشرة الأخيرة قد حلت، فأوجبت وفاء الله تعالى لخلقه الطائعين, العابدين،الصائمين احتساباً، وإيماناً، بعتقه تعالى لهم من النار،..

مدرسة رمضان تتدرج في مستوياتها، أداء بشرياً، وعطاء إلهيا..

حين تتفكرون في هذا صغاري، فأقبلوا على فصولها، واغتنموا جوائزها، حرصاً وطاعة، وحباً وإيماناً... ليتوجكم الله تعالى بالجنة مأوى ومستقراً..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد