مر اليوم العالمي لمحو الأمية كما تمر بقية الأيام في العالم العربي، وكأننا في غفلة عما تسببه هذه العقبة والقضية والمشكلة والمسألة والمعضلة أيا كانت الأسماء من تخلف وتأخر لهذا العالم. ويبدو أن وسائل الإعلام في هذا العالم
كعادتها في تهميش هذه القضية وعدم الاكتراث بها قد زادت من هذه الصفة نظرا لانشغالها بعرض المسلسلات التي يحلو تنافسهم لعرضها في هذا الشهر الكريم. ليس التعامل مع الأمية مسألة سهلة أو هامشية، بل هي مسألة مفصلية تمس لب المجتمع وأساسه والركون إلى الوضع القائم والاستسلام له سيفاقم من هذه المشكلة، وإذا تفاقمت هذه المشكلة أو المعضلة أو العقبة فإن الفقر والتخلف والجهل والمرض سيتفاقم من دون أدنى شك. عقد قبل فترة بسيطة المؤتمر العالمي السادس لتعليم الكبار في البرازيل وهو واحد من سلسلة مؤتمرات عالمية عقدت حول تعليم الكبار ومحو الأمية وجميع هذه المؤتمرات طالبت بتوفير فرص التعليم لجميع الراغبين فيه من الكبار ومساواتهم بغيرهم من المتعلمين من الفئات الأخرى وعدم التفرقة بينهم في الجنس أو اللون أو الدين، كما طالبت بالاهتمام بتعليم المرأة وتوفير الحرية التامة لها فى اختيار ما ترغب تعلمه، والاهتمام بتمويل تعليم الكبار ومساواته بالتعليم النظامي في القوانين والتشريعات، كما حثت الدول على عقد المؤتمرات الإقليمية والدولية حول تعليم الكبار ومحو الأمية لمناقشة هذه المسألة أو المعضلة أو القضية ووضع أفضل الحلول وتقييم أوضاع الدول ورصدها رصدا علميا وغير ذلك من الأمور الكثيرة الخاصة بهذا المجال. وقد سبق هذا المؤتمر العالمي مؤتمر تحضيري في تونس للدول العربية المشاركة فيه للتحضير والاستعداد لهذا المؤتمر، والجميع يتمنى أن تكون قد تمت الاستفادة منه وأن يكون المشاركون قد عادوا بحصيلة من الطرق والوسائل والأساليب والمنهجيات والأفكار المناسبة والحديثة التي تبتعد عن التقليدية والنمطية المعهودة للتعامل مع هذه القضية وألا تكون المشاركة قد اقتصرت فقط على تقديم أوراق العمل أو عرض التجارب كما يسمونها ثم تقديم تقارير بسيطة ونقف عند هذا الحد ولا نتعدى هذه المشاركات الشكلية. ولكي نستفيد من عالمية هذا المؤتمر وعالمية هذا اليوم فلا بد من المشاركة عالمياً في هذا اليوم بطرق وأساليب عالمية تتوافق وتتماشى مع ما تفعله الدول الأخرى لكي نعرض قضيتنا بكل صدق وموضوعية ولكي يتضح أن الدول العربية تسعى جاهدة للتعامل مع هذا الأمر بكل ما أوتيت من قوة ومصادر بشرية ومالية فهل رأينا ذلك، وعلى الله الاتكال.