أوردت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر (يوم الجمعة 28 أغسطس)، الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية أن الإنفلونزا المهيمنة في كل العالم هي إنفلونزا الخنازير، حيث انتشرت بشكل يفوق الإنفلونزا الموسمية، مخالفة توقعات خبراء الصحة الذين كانوا يتوقعون انتشارها في الشتاء القادم،
من جهة أخرى ذكرت المنظمة أن أطباء أبلغوا عن شكل خطير لإنفلونزا الخنازير يتجه مباشرة إلى الرئتين مسببا مرضا شديدا يتطلب علاجا باهظا.
هذه التطورات العالمية التي عرضها تقرير مظمة الصحة العالمية تؤكد أن المرض أصبح وباء أوبالأصح (جائحة وبائية)، ما يعني أن مكافحته ليست محددة ب(وزارة الصحة) أو أن المسؤولية الوقائية تتوقف عندها وحدها، بل لابد من مشاركة وطنية شاملة ترتكز بالدرجة الأولى على (الفرد) سواء كان مواطنا أو مقيما، وتتطلب درجة عالية من الوعي الوقائي والالتزام بالتعليمات الصحية، فأي مرض وبائي أو أزمة صحية أو آفة اجتماعية لا يمكن أن يتحقق نجاح مكافحتها أو علاجها أو تطويقها بعون الله إلا على أربعة محاور من الجهود المتضافرة رسمية وشعبية، وهي: (الوقاية الصحية، والشفافية المعلوماتية، والرقابة القانونية، والمعالجة الطبية).
هذه المحاور لا تتعلق بوزارة الصحة وحدها، رغم أنها تشكل رأس الحربة في مكافحة المرض ومعالجة ضحاياه، إنما يشاركها الفرد العادي مهما كان عمره أو جنسه أو وضعه الاجتماعي، خاصة في ما يتعلق بمحور (الوقاية الصحية) لأنها هي خط الدفاع الأول ضد انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، بل هي الإجراء السليم والأسلوب الحضاري في مكافحة تداعياته السلبية، والوقاية المطلوبة تتم على مستويين، الأول مستوى (الفرد المصاب)، والآخر مستوى (الفرد غير المصاب)، حيث يتباين التعامل الوقائي بينهما، كون الأول دخل فعليا في طور المشكلة ما يعني العمل على عدم انتقال العدوى لغيره، بينما الآخر لايزال بعيدا عنها متى ما التزم التعليمات الصحية بدقة واهتمام إن شاء الله، وعليه فالمصاب يجب أن يتحلى بأقصى درجات الالتزام الديني والواجب الأخلاقي تجاه المجتمع بتغليب المصلحة العامة على مصلحته الشخصية، بعدم نقل العدوى أو المساهمة بنقلها، من خلال (التقيد التام) بتعليمات وزارة الصحة بهذا الشأن، فعند شعوره الابتدائي بالأعراض الأولية للمرض، ك(الحرارة والحمى)، فعليه لزوم بيته ومراقبة حرارته وعدم مخالطة الآخرين حتى يتبين له الأمر، فلا يذهب إلى العمل، أو السوق، أو المسجد، مع الانعزال عن أفراد الأسرة داخل البيت، ف(الحرارة) هي المؤشر الرئيس والمهم، فإن لم تنخفض خلال 24 ساعة بالمسكنات يجب عندها مراجعة الطبيب. إن مشكلة الكثيرين أنهم لا يعون خطورة (المخالطة) بل بعضهم لا يكترث فيخالط الناس بالأسواق والأماكن والعمل، بل لا يتورع عن الصلاة في المسجد وهو يشكو المرض، رغم أن له رخصة في ذلك. أما (غير المصاب) فعليه أن يغير سلوكياته اليومية وعاداته السلبية في النظافة، بالإكثار من غسل اليدين باستمرار، وتعقيم يديه بالمواد المطهرة التي يمكن حملها بعد ملامسة مقابض الأبواب والأسطح والأماكن العامة، أو استخدام عربات التسوق وغيرها، خاصة أن الفيروس يعيش على هذه الأسطح ساعات معينة، وكذلك وضع الكمامات الواقية في الأماكن المزدحمة، كما يجب وضع صيدلية منزلية تحوي الأدوية المسكنة وأجهزة قياس الحرارة، مع قيام أرباب الأسر بتوعية أفراد أسرهم بخطورة المرض وأهمية الوقاية، وبالذات الأطفال والمراهقين.
يبقى أن هذه الاحترازات الوقائية والسلوكيات الصحية وغيرها مما يسهم في تعزيز الجانب الوقائي في أوساط المجتمع للحد من انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، لابد أن تُدعم بقوة من خلال حملة إعلانية ودعاية مكثفة ومتواصلة في كل وسائل الإعلام، فلا يكفي بعض الإعلانات الصحافية أو بعض المشاهد التلفزيونية وكأن المرض خارج حدودنا، إنما لابد من استغلال وسائط التقنية كرسائل الجوال، أو الاتصالات الهافتية العامة في بث رسالة محددة بتعليمات معينة موثقة من وزارة الصحة، أيضا هناك لوحات الشوارع الإرشادية والملصقات الجدارية، ونشر الكاميرات الحرارية في مداخل الأماكن المزدحمة كالملاعب والأسواق والفنادق، وتوزيع المطويات الصحية في الأسواق والوزارات والمصالح الحكومية بالتأكيد المستمر أن الوقاية خير من العلاج بعون الله.
kanaan999@hotmail.com