(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآن)، يتسابق المتسابقون فيه لعمل الخير والمعروف والتواد والتراحم والتواصل في أعمال البر والتقوى!!

ومثلما يتسابق أهل الخير على فعل الخيرات.. هناك أناس يتسابقون على عمل الشر..

هؤلاء هم أصحاب شركات الإنتاج والقنوات الفضائية التي تقوم بعرض أعمال هذه الشركات والأعمال المسماة بالدراما التي تشمل المسلسلات الكوميدية التي تهدف إلى التهريج وإضحاك الناس مدعين أنهم يدخلون السعادة على المجتمعات.. هذه المسلسلات تتطرق في بعض هذه الأحيان إلى قضايا لها علاقة في الحياة اليومية.. ورغم أن المعالجة الدرامية لمثل هذه القضايا ينقصها الكثير من الدقة سواء على مستوى النص أو الدور الذي يؤديه الممثل.. أضف إلى ذلك ضعف الإخراج والتصوير والمبالغة في كثير من الأحيان في معالجة القضية هؤلاء لم يدركوا أبداً أن المتلقي أصبح واعياً ومدركاً لكل ما حوله أن ما يقومون به لا يتعدى كونه حباً للظهور ومعاداة لفئة من فئات المجتمع!! ليس عيباً أن يُساهم الكاتب والممثل في التطرق لقضايا المجتمع ومعالجتها بأسلوب حسن يتقبله المشاهد بعيداً عن التجريح والانفلات والخروج عن النص.. ولكن الخطأ أن يصدق هؤلاء أنفسهم بأنهم قدموا ما يرضي الضمير والوطن.. والغريب أن هذه الأعمال الشريرة تعرض في شهر الخير الذي انتصر فيه الحق على الباطل والذي يمثل للمسلم الانتصار وكبح الشهوات أن المسلم في تعامله وإيمانه يعلم جيداً أنه خلق لعبادة الله ودحر كل ما يسيء للدين والأخلاق والقيم.. وجد هذا الإنسان ليكون ضمن منظومة كلها صلاح ترفض التعدي على الغير وترفض العدوان أياً كان مصدره أو نوعه.. وإذا قبلنا جدلاً في مثل هذه الأعمال الكوميدية رغم ما تحمله من إساءة للأخلاق وللعقيدة وللشيم فإنه من غير المقبول أن نرضى بمسلسلات أخرى لها علاقة بتشويه صورة الأمة.. هذه المسلسلات المسماة بالأعمال البدوية مسلسلات النعرات القبلية التي تدعو إلى التناحر وأخذ الثأر والتي تشوه ما كان عليه الأجداد في تعاملهم مع الآخرين.. إن هؤلاء الكُتَّاب أخذوا من بطون الكتب الكثير من الروايات والحكايات والأشعار.. ولكنهم قاموا بتحريفها وسخَّروها لأهدافهم التي تكرس العنصرية والتي تعوّذ منها رسول الأمة صلى الله عليه وسلم، أين كُتَّاب هذه الأعمال التي تمثل الشر عن الدعوة إلى الله!؟

وأين هؤلاء عن قصص العفو وعن مواقف الرجال؟.. وأين هؤلاء عن نعرة الدين ودحر المعتدين.. أين هؤلاء عن قصص الفتوحات الإسلامية؟.

لقد أخطأ هؤلاء في حق المجتمع وسخّروا أقلامهم لترسيخ وإشاعة المفهوم العنصري.. لقد أخطأ هؤلاء بحق الأطفال الذين يعتقدون أن أجدادهم كانوا قطاع طرق وكانوا يمارسون حياتهم القائمة على السلب والنهب، هذه الأعمال لها علاقة مباشرة بقبائل موجودة اجتمعت تحت راية التوحيد عندما وحَّد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- هذه الأرض على الكتاب والسنة وانتهى دور التناحر والغزوات والتشرذم وانتهى سفك الدماء وسلب الأموال وأصبح المجتمع السعودي متحاباً يُمثِّل في إخلاصه وتفانيه ووفائه لقيادته ووطنه المسلم الحقيقي الذي نذر نفسه لطاعة الله ثم ولي الأمر والدفاع عن كل ذرة رمل من وطن الحرمين.

إننا نطالب بوقف هذه الأعمال لأن انتشارها سيعود بنا إلى عصور التفاخر والتناحر وأن إيقافها له مكاسب عظيمة على الفرد والأسرة والشعب عامة!!

إن هذه المسلسلات بعيدة كل البعد عن قيمنا وأصالتنا ومروءة أبناء هذا الوطن وهي تثير الحساسيات بين القبائل من خلال مشاهد الحروب والاقتتال وإيراد أسماء كان لها معارك مع أسماء أخرى.. لقد طالبنا كثيراً بنبذ مثل هذه الأعمال.. وإننا نتساءل إذا كانت هذه الشركات وهذه القنوات تدفع الأموال الطائلة لإنتاج هذه الأعمال الشريرة التي تعيد الفتن بصورة لا يجهلونها أبداً فلماذا لم تدفع هذه الأموال في سبيل الخير وعلى أعمال تحكي عن تاريخ العرب والمسلمين وأهدافهم وغاياتهم النبيلة في إسعاد البشرية وهي موجودة في بطون الكتب.. فلماذا يتجاهلها هؤلاء ويتجهون إلى الفتن وزرع الأحقاد.. ولماذا لم يقدموا أعمالاً لكرماء العرب في الجاهلية والإسلام.. ولماذا لم يقدموا أعمالاً عن العلماء الذين ساهموا في إسعاد البشرية.. إن هذه الأعمال لا يليق بنا متابعتها والعناية بها ولا يليق بنا رعايتها فهي أعمال تشوه تاريخ الأمة وتشجع على ارتكاب الأخطاء وتفشي الإرهاب وفي توقفها سنحافظ على مكتسباتنا وعلى تراثنا ووحدتنا وأهدافنا السامية.

* * *