الموعظة الحسنة سرعان ما تصل القلب وتنفذ إلى الفكر وترسخ في الوجدان وتطبقها الحواس.. ولعل أجمل الأمثال لما يقدم اليوم من نصائح وإرشادات بطريقة بعيدة عن الوعظ والترهيب والمباشرة هي خواطر أحمد الشقيري الذي يعتبر من الدعاة الشباب الذين أبدعوا في ابتكار أسلوب رائق لتوصيل المعلومة والنصيحة.
اليابان نموذج حي وناجح وقد أفلح الشقيري في فكرة المقارنة ما بينه وبين نماذج من شعوب عربية في مواقف متشابهة، وقد وضح الفرق الشاسع في السلوك والعادات ومظاهر الحياة المختلفة.
وديننا هو دين النظافة والسماحة والنظام لذا كان أولى أن نكون سباقين لتطبيق ما يدعونا إليه ديننا وما أدبنا به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم. وقد زرعنا كأمة مسلمة بذور الفكر والعلوم المختلفة منذ آلاف السنين لتكون لبنة الحضارة العالمية فيما بعد وركيزة قوية، فمن الأجدى بنا أن نطبق على أنفسنا وفي حياتنا ما أمرنا الله عز وجل به وما أتى نبينا به قبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام..
(وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)، في المنزل ربما لا يلقي البعض التحية على الآخر لانشغاله بالتلفاز أو الكمبيوتر أو (البلي ستيشن).. في العمل، في المسجد، في الطريق لا تكاد تكون هناك بوادر إلقاء التحية، في الجانب الآخر تجد في اليابان والتي لا يعتنق أهلها ديانة سماوية نجد أن السلام شريعة حياتية ومظهر واضح من سلوكهم وتميزهم.
(آية المنافق ثلاث:.... وإذا وعد أخلف) فكيف والكثير منا لا يحافظ على وعده ويخلف موعده.. ويضرب بمواعيده عرض الحائط.
(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، كيف سننهض بعالمنا ونحقق النجاح والتقدم والرقي ومظاهر الإهمال واضحة والاستهتار بالوقت والعمل الموكل إلينا.. لو أدى كل منا عمله على الوجه المطلوب منه لكنا بخير.. لما لزم منا تصحيح أخطاء الآخرين أو هفواتهم أو تقصيرهم في جوانب كثيرة تؤخر العمل أو تحبطه.
(قل لو كان بباب أحدكم نهراً يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فهل يبقى من درنه شيء؟!)، ديننا دين النظافة والمظهر الحسن، فلم شوارعنا تمتلئ بالقاذورات.. ساحاتنا.. باحات مدارسنا.. دورات المياه في الأسواق والمطارات وعلى الحدود.. الأشكال الجديدة والصرعات التي يقلد بها أبناؤنا الغرب (القلة القليلة من الغرب)، فهل هذا من الإسلام في شيء؟!
(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، كم ترانا نطبق من معايير الرحمة اليوم مع الخدم ومع العاملين لدينا بل مع أبنائنا ومع زملائنا وجيراننا!
(الابتسامة في وجه أخيك صدقة).. بل كم من السيئات نكسبه يومياً بحاجبين معقودين وأسلوب جاف على الرغم مما يمكن أن نكسبه بمجرد الابتسام بوجه الآخر ولقائه بوجه سمح!
هل نحن فعلاً من كوكب آخر؟ من أين اكتسبنا مسمى العالم الثالث.. مظلومون أم نحن من ظلمنا أنفسنا بما كسبت أيدينا؟
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. لعل لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة.. وكفى به معلماً وقدوة.. يكفي اتباع هديه لنكون بمقدمة الأمم وفي صفوفها الأولى.
شكراً لأحمد الشقيري نموذج الشاب المميز.. وطوبى للكثيرين ممن يضعون على عاتقهم مصلحة هذه الأمة.
عمرو خالد، محمد العريفي، الزهراني وكثيرون.. نحتاج فعلاً لهذه النماذج المؤمنة برسالتها والتي تتخذ من الإعلام سبيلاً وقناة لتصل من خلاله وبشكل أنيق إلى المجتمع بكافة أطيافه.
ma ysoonabubaker@yahoo.com