طهران - أحمد مصطفى
تحتضن إيران الكثير من المناسبات الدينية والوطنية.. وخلال إحياء تلك المناسبات يلتقي المسؤولون الإيرانيون من أصقاع ومذاهب سياسية متعددة، وتخفي الصور التي تُلتقط في تلك المناسبات ما تخفيه العلاقات المتوترة بين الشخصيات من أفكار سياسية ومشاريع اقتصادية.. وخلال الـ30 عاماً من عمر الثورة سارت الأمور على ذلك المنوال حيث يجري إزالة الاختلافات في تصريحات مشكوك فيها، وعندما غيَّبت السنون قائد الثورة الإمام الخميني عام 1988 بدأ الشارع الإيراني يروّض نفسه على ثنائية (خامنئي - رفسنجاني)..
وللتأريخ فإن الاختلافات بين الرجلين لم تظهر للعلن بل بقيت في متون الجلسات السرية.. وتمكن رفسنجاني من خلال مؤتمراته المتعددة وزياراته إلى الدول الأخرى من إخفاء تلك الخلافات حتى إنه صرح ذات يوم أن حالته مع المرشد خامنئي هي حالة الجسد الواحد الذي يحتضن (روحين) والحال يتكرر مع المرشد خامنئي الذي يكرر على الدوام أن بينه ورفسنجاني إرثاً من العلاقات النضالية والزمالة الحوزوية.. وبقيت العلاقات بين الرجلين على حالها حتى تمكن الحرس الثوري من دفع الرئيس نجاد إلى استلام السلطة في إيران قبل أربع سنوات.. وبدا الرئيس نجاد وكأن وظيفته (الوقوف أمام التغلغل الرفسنجاني في أنشطة إيران الاقتصادية) وخلال السنوات الأربع أفلح الرئيس نجاد في الوقوف أمام الأنشطة التجارية لعائلة رفسنجاني في إيران وقام بوضع يده على بيت المال وطرد جميع المسؤولين الذين يعملون للرئيس الأسبق رفسنجاني في حكومة نجاد من رؤساء للبنوك أو زعماء للغرف التجارية ووصل الحد إلى أن نجاد قام بتغيير نهج الحكومة الاقتصادي وأدار ظهره لأنشطة مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه هاشمي رفسنجاني مبرراً بالقول: إنهم يضحكون على الشعب.. يضعون قرارات لخدمة مصالحهم ويستغلون بيت المال لطموحاتهم الشخصية.. والحقيقة أن خامنئي كان يدعم سياسة نجاد الذي عاش طيلة السنوات الأربع زعيما متمرداً على رفسنجاني والإصلاحيين الذين رفعوا راية الإصلاح لتحقيق مصالحهم التجارية.. وبسبب ذلك عمل رفسنجاني لإزاحة نجاد الذي تسبب في عزل إيران ووضعها تحت مطرقة القرارات الدولية.. واصطف رفسنجاني وعشيرته إلى جانب مير حسين موسوي ومحسن رضائي لأجل إزاحة نجاد عن الفوز.. وكان يعمل رفسنجاني سراً مع المرشحين الآخرين وأنفق الأموال الطائلة والهدف إزالة نجاد وتضعيف سلطة خامنئي.. وخلال المشروع الانتخابي الذي ضم الثلاثي (موسوي - كروبي - رضائي) كان رفسنجاني يريد من إسناد هذا المثلث الإطاحة بنجاد بأي ثمن..
لكن ما حصل في إيران من نتائج لصالح نجاد أجبرت رجال المثلث ورفسنجاني على التمرد على سلطة خامنئي وعدم الاعتراف بشرعية نجاد واصطف شيوخ قم إلى جانب رجال المثلث لكن خامنئي المدعوم من سلطة الحرس يواصلون برنامج الفوز لنجاد، وبسبب التقاطعات السياسية المستمرة ألقت الأزمة السياسية المتفاعلة في إيران بظلالها على شهر رمضان ومناسباته المتعددة فقد قررت السلطة تغيير مكان مصلى العيد إلى مصلى طهران.. وألغت مراسيم إحياء القدر في حرم الخميني وهي حالات تشهدها طهران لأول مرة منذ 20 عاماً كما ألغيت خطبة رفسنجاني عن مراسيم يوم القدس إن ما يجري في إيران من تداعيات إنما هي للانفجارات الحاصلة في الثنائيات التي كانت تدعي الوحدة.