«الجزيرة» - عبدالله البراك
انخفضت سيولة سوق المال المحلي خلال الأشهر الثلاثة الماضية بما يقارب الـ66% وانخفضت قيمة التداول من أكثر من 7.5 مليارات ريال بتاريخ 6- 6-2009 إلى دون مستوى 2.5 مليار بتاريخ 6-9-2009 وعزا ماليون انخفاض السيولة إلى عدة أسباب، حيث يرى الدكتور زايد الحصان أن السوق لن يتجاوز محنته خلال الفترة القصيرة المقبلة كونه لم يجد أي دعم رسمي لمعالجة مشاكله الهيكلية التي يعانيها كما أنه لا يمكن التغاضي عن عزوف المستثمرين عن الاستثمار فيه منذ عدة أشهر لعدم وجود حوافز مغرية ويضيف الحصان: غياب صانع السوق والمستثمر على المدى الطويل وكذلك المضارب (القانوني) أفقد السوق أجنحته التي تساعده على الانطلاق والتحليق وعن المستثمرين الأجانب في السوق عدَّ الحصان اتفاقيات المبادلة غير عادلة وغير مغرية لهم والأجدى أن يكون استقطاب المستثمر الأجنبي عن طريق التأسيس في الشركات لسببين الأول أن السوق السعودي ليس بذاك العمق الذي يتضاءل فيه تأثير المستثمر الأجنبي بالسوق والسبب الثاني عدم فاعلية طريقة اتفاقات المبادلة والتي يبدو أنها لم تحقق الأهداف المنشودة وتفاءل الحصان بتحسن السيولة إذا أجريت إصلاحات هيكلية للسوق ودلل على الحاجة لهذه الإصلاحات بأن نتائج الشركات في الربع الثاني من هذا العام كانت جيدة ولكن السوق لم يتأثر بها، وهذا ما يؤكد لنا أن السوق يعاني مشكلة هيكلية مستمرة لشهور عدة فهو يحتاج إلى إعادة نظر وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه سنجد السيولة تنحدر إلى مستويات الخمسمئة مليون ريال وعن أن بعضهم يرى أن أسعار الشركات في السوق المالية تتجه إلى أسعارها العادلة قال الحصان: أسعار الشركات غير عادلة إطلاقاً فنحن نتداول فيها بأسعار أعلى خلال الفترات الماضية والآن نتداول بأسعار أقل من ذلك بكثير.من جانب آخر يرى المالي الدكتور خالد المانع أن ضعف السيولة يعود ذلك إلى سببين الأول انخفاض السيولة في الاقتصاد ككل خصوصاً في ن2 (الودائع الزمنية والادخارية) وفي هذه الجزئية نجد انخفاض نمو نسبي في الودائع تحت الطلب والنقد المتداول خارج النظام المصرفي، ومن جهة أخرى إذا ما ربط هذا الانخفاض في الحسابات التي عادة ما تعود إلى الأفراد الذين يشكلون ما يقارب 90% من متداولي السوق وانخفاض السيولة ستخف المضاربة بحكم أن الأفراد عادة ما يكون تداولهم مضاربيا وليس لهدف استثماري وبالتالي عند انخفاض السيولة تنخفض مستويات المضاربة في السوق، وقد أظهرت إحصائيات مؤسسة النقد انخفاض نمو الحسابات الجارية وهذا يعني أن الأفراد يستهلكون من أجل مصاريف رمضان وموسم الإجازة الصيفية وكذلك العيد وهذا كله طلب استهلاكي وليس استثماريا وهذا ما أثر في سيولة السوق، خصوصا إذا ما علمنا أن الوعي الاستثماري خلال هذا العام تطور بشكل كبير وبالتالي لم يعد هناك الكثير من المضاربين الأفراد ويضيف المانع: لا أشعر بالقلق حيال انخفاض السيولة بل ربما كان ذلك أفضل والدليل أن هيئة السوق ليست قلقة من مستويات السيولة فهي ما زالت تطرح الكثير من الاكتتابات ولو أن هناك ضعفاً مؤثراً في السيولة لأوقفوا هذه الاكتتابات وحول وجود عوامل أخرى تسهم في ضعف السيولة قال المانع: طبيعي أن يكون هناك جوانب أخرى فالمستثمر يتخذ قراره بناء على نظرته وتوقعاته للمدى الطويل ويحاول استشعار ما لم يعلن عنه من قِبل الشركات ومضى المانع: المستثمرون الكبار ما زالوا ينتظرون إعلانات الربع الثالث للتأكد من أبعاد الأزمة المالية وتأثيرها في أداء وأرباح الشركات وحول ما إذا كانت نتائج الشركات قد ساهمت في انخفاض السيولة، أوضح أن العامل الذي أثر في أرباح الشركات هو الأزمة المالية وهو متغير اقتصادي وليس متغيراً إدارياً بمعنى أنه في الأوقات السابقة كانت الإدارات فيها خلل كبير ولكن بعضها تطور ومع هذا العام أصبحت المخاطر مختلفة والسوق استجاب لمتغيرات الاقتصاد العالمية ولذلك أقول إن الانخفاض الذي حدث الآن يعكس التخوف من الأزمة وليس التخوف من إدارة الشركات، ولذا نجد المستثمر المحترف الذي تبحث عنه الأسواق يشتري في وقت الذعر في الشركات التي تعد جيدة مثلما عمل الملياردير وارن بافييت الذي قام بالشراء في أكتوبر الماضي وصرح بأن تلك الأوقات هي الأنسب للشراء على الرغم من الذعر الذي اجتاح الأسواق في تلك الفترة، وأضاف المانع أن المتداولين ينشطون مع الارتفاعات التي لا تحدث إلا مع وجود مستثمرين كبار، وإذا افترضنا أن عدداً كبيراً منهم يستثمر الآن بهدوء وتردد، فمن الطبيعي أنه لن نشهد انطلاقا إلى مستويات عليا خلال فترة الشهر أو الشهرين المقبلين, وبالنسبة لقراءات نتائج الربع الثالث ليس هناك من مخاوف من حدوث انخفاضات حادة خلال الفترة المقبلة.وتابع الدكتور المانع: الأوضاع التي نعيشها تفرض نمطاً مختلفاً في التفكير الاستثماري فأغلب المتعاملين في المحافظ الكبرى تفكر على المدى الطويل ولا تتجه إلى التدوير مما تسبب بانخفاض السيولة ولكن إجمالاً لا اتوقع أن تعود السيولة إلى مستوياتها المرضية في الأمد القريب.
السيولة لاتكفي لاختراق المقاومات
إلى ذلك يرى المحلل مقبل السلمي أن ضعف السيولة هو السبب الرئيس وراء تراجع السوق مع كل مرة يقترب فيها من مقاوماته، إذ لا توجد سيولة كافية لاختراق المقاومات وهو ما يجعل السوق يعاود الهبوط مجدداً لمستويات متدنية، ولكن الهبوط كذلك غير مصحوب بسيولة عالية، ما يعني أن رغبة البيع كذلك غير موجودة كما هو الحال بالنسبة للشراء. ويضيف: بالنسبة للأسعار هناك تباين في مدى إغراء هذه الأسعار حيث يوجد الكثير من الأسهم في مناطق شراء جيدة، ولكن ضعف السيولة أفقد السوق الكثير من الثقة ما جعل العزوف عن الشراء سمة غالبة حالياً في السوق حيث ينتظر الكثير من المتداولين عودة السيولة مجدداً للسوق ليعاودوا الشراء.
أما السبب في تدني مستوى السيولة فلا أعتقد أنه يعود لغياب المستثمرين بقدر ما هو غياب للمضاربين، وهم المحركون للسوق في معظم فتراته، فالمستثمر الأجنبي لم يكن عنصراً مهماً للسوق خلال الفترات السابقة كونه لم يتداول بشكل مباشر في السوق حيث ما زال نظام التبادل هو القناة المتاحة لدخول المستثمر الأجنبي. أما المستثمر المحلي فباعتقادي أنه ما زال يحافظ على وجوده داخل السوق، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال زيادة نسب التملك بشكل دوري في السوق، حتى وإن كانت طفيفة هذا من جهة ومن جهة أخرى ثبات نسب التملك الأخرى التي لم تشهد خروجاً لأحد المستثمرين، كذلك فإن الكثير من الأسهم الاستثمارية لم تتراجع قيمتها السوقية بشكل يُذكر، حيث ما زالت تتداول بالقرب من قممها حيث تركزت التراجعات الحادة في أسهم المضاربات ويضيف: بالنسبة لتراجع السيولة الذي يعزوه بعضهم للإجازة الصيفية وشهر رمضان المبارك، فهذا مقبول نسبياً، ولكن بالمقابل فإن السيولة أخذت في التراجع قبل بدء الإجازة الصيفية (كما يتضح من الرسم البياني) وكذلك سجلت بعض فترات الإجازة نشاطاً ملحوظاً في السيولة، لذلك فإن غياب المحفزات والأخبار (سلباً أو إيجاباً) ربما يكون السبب الأبرز في تراجع السيولة، حيث إن وجود محفزات أو ظهور أخبار سيسهم بشكل كبير في تحرك السيولة وارتفاعها حتى وإن كان ذلك خلال الإجازة الصيفية أو شهر رمضان المبارك.ويتابع السلمي: من الطبيعي أن تعاود السيولة نشاطها مجدداً خلال الفترة المقبلة خصوصاً قبيل وبعد إعلانات الربع الثالث حيث يبدأ تبديل المراكز الاستثمارية كما يظهر تأثير الإعلانات كذلك على الأسهم أما بالنسبة لمستوى السيولة اللازم لإنعاش السوق فمبدئياً يحتاج السوق إلى اختراق متوسط السيولة للشهر السابق عند مستوى 3.9 مليار ريال، أما السيولة اللازمة لتحقيق قمة جديدة فلا بد من تسجيل سيولة لا تقل عن 9 مليارات كمتوسط قمم.