ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة شريفة أنزل فيها القرآن وتتنزل فيها الملائكة، العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر أي ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، من قامها إيماناً واحتساباً غفرت ذنوبه، وهذا مقيّد باجتناب الكبائر والاستقامة على طاعة الله لقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}ولقوله صلى الله عليه وسلم (الصلوات الخمس، الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر). أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الليلة الشريفة في العشر الأواخر من رمضان وأن أوتار العشر أرجى من غيرها فقال عليه الصلاة والسلام (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان). أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وسميت بهذا الاسم لشرفها وعظم مكانتها ولأن فيها تقدر المقادير السنوية المأخوذة من القدر السابق لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}
والمشروع فيها لكل مسلم إحياؤها بالصلاة والذكر والاستغفار والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير وقد سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: تقولين: اللهم إنك عفوٌ تحب العفو، فاعفُ عني) أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، فيستحب الإكثار من هذا الدعاء أما وقتها فقد أخفيت هذه الليلة لحكمة بالغة وهو خير للعباد حتى يجتهدوا في طلبها وقد جاء في حديث عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) أخرجه البخاري.
وفي الحديث دلالة على شؤم المخاصمة والمنازعة بين المسلمين.
ومن قام هذه الليلة إيماناً واحتساباً نال أجرها وإن لم يعلمها والراجح أنها تنتقل في ليالي العشر تارة تقع ليلة إحدى وعشرين وتارة ثلاث وعشرين وتارة سبع وعشرين وهكذا وقد تكون في الاشفاع لكنها في الأوتار آكد وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار والمشروع للمسلم قيام رمضان كله إيماناً واحتساباً وسيدرك بلا شك هذه الليلة الشريفة من قام رمضان كاملاً فيكتب له أجرها وأجر بقية الليالي التي قامها نسأل الله بمنه وكرمه أن يتقبل منا الصيام والقيام إنه سميع الدعاء قريب الإجابة.
* عضو الجمعية الفقهية السعودية
dajani1000@hotmail.com