استكمالا لموضوع الأسبوع الماضي تلك همسات لك أخي الزوج من محب, تأمل فيها وتشرب معانيها قبل أن تقدم على القرار الأخطر في حياتك وهو الطلاق سائلا المولى أن ينفعك بها:
1- لست الوحيد الذي يعاني من أزمات وخلافات فجميع من تراهم أمامك وعلى اختلاف المشارب والأطياف ليسوا بمعزل عن الخلافات والإحن والعواصف التي تهب على علاقاتهم الزوجية والسعداء منهم هم الذين امتطوا صهوة الصبر بتجاوز الزلات والتغافل عن الهفوات والترفع عن الصغائر فسارت سفنهم ونمت دوحتهم وأينعت ثمارهم وليكن شعارك الدائم (المسامحة لا المشاحة).
2- يعتقد الكثير ممن يندفعون في اتخاذ قرار الطلاق أن الحال الجديدة (ما بعد الطلاق) ستكون أهنأ عيشا وأرخى بالا وهذا وهمٌ وقصر نظر، واسألوا إن شئتم الكثير من المطلقين عن حالهم بعد الطلاق! سيخبرك جلهم أنهم بعد الطلاق قد حلوا بواد غير ذي زرع واستظلوا بغير ظل! فالوضع القادم على الأغلب لن يكون أفضل من الوضع الحالي إلا في أضيق الحالات, فكر في صغارك وعن حجم المتاعب التي ستواجهونها جميعكم بعد الفراق؟ فكر في حالك فكثير من الأمور التي كنت تهنأ بها في زواجك ستفقدها بعد الطلاق, وأحسب أن السبب في شقاء الكثير من البشر هو زهدهم في سعادة يومهم والغفلة عن ما حباهم الله من نعم والتطلع غير المنضبط إلى المستقبل وإلى أمنيات في رحم الغيب لم تولد بعد! فإذا حل الغد انتبهوا للأمس واستشعروا جماله وتيقنوا أنه كان خيرا من يومهم!! فهم لا ينفكون تعساء أشقياء حاضرا وماضيا!
3- تذكر أن مجرد لحظات قصيرة تضبط فيها انفعالاتك ومشاعرك حتى تهدأ النفوس وتسكن الأعاصير ستكفيك مؤونة مواجهة الكثير من المتاعب المستقبلية وستجعلك تنتصر على نفسك والشيطان, وإنك باتخاذك قرار الطلاق ستفرح أعداءك والحاقدين والحساد وتشمتهم فيك وأولهم الشيطان الرجيم, فهذا القرار يحقق له أعظم أهدافه التي يسعى إليها فأرجعه حسيرا خائبا في مراده مخفقا في مغزاه، وعليك بالتروي والتؤدة في اتخاذ قرار الطلاق فتعجيله غالبا سيورث ندما وألما, والتأجيل لن يضرك شيئاً،، وكم من رجل ندم على العجلة والطيش ولم يندم على التأجيل والأناة، والقرار بيدك الآن أو غدا فلم العجلة؟
4- من أبرز وأجل صفات العظماء هي الإنصاف والعدل والإحساس بالآخرين وتفهم مشاعرهم مبتعدين عن الكبر والتسلط والانتصار للنفس واحتمال الضغينة فجرب عندما تتأزم الأمور أن تضع نفسك مكان زوجتك وتتقمص شخصيتها وأن تلامس مشاعرها وتقترب من وجهة نظرها وهذا ولا شك ممن يهدئ المشاعر ويخفف وطأتها ويجعلك تنظر للمشكلة بمنظور أكثر شمولية وعمقا.
5- الكثير منا يبذل جهودا عظيمة وينفق وقتا طويلا في السؤال والاستشارة والتقصي عندما يريد أن يسافر إلى دولة ما أو عندما يريد أن يقتني سيارة جديدة ما بالهم لا يبذلون الجهد نفسه عندما ينوون اتخاذ قرار من أهم قرارات الحياة على الإطلاق ألا وهو الطلاق!! وهؤلاء جديرون بالتوبيخ ومستحقون والله للوم ولكن الحذر كل الحذر ممن يشير عليك بعاطفته لا بعقله! فالزواج ليس ميدانا للتذوق ولا معملا للتجارب ففاتورته باهظة الثمن وشديدة الألم وكل أطرافه في الغالب خاسرون ولعل رأيا من ثقة يخلص من الألم ويستنقذ من المكاره ويوقف سيل المتاعب.
6- توجه إلى الله عز وجل بالدعاء والاستغفار والصدقة لعله سبحانه يصلح ما فسد ويجبر ما انكسر {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} وأخيرا فالعقلاء الفضلاء لا يجعلون الطلاق الحل الأول ولا الثاني ولا الثالث فهو آخر الحلول ويكون عندما تستنفذ الأسباب ويستفرغ الجهد وتسد الطرق وتغلق النوافذ وتتعذر الحياة ويبلغ الأمر المُخنق.
ومضة قلم:
بقدر ما يكون الثوب ناصع البياض, تكون بقعة الأوساخ أكثر وضوحا.
****
khalids225@hotmail.com