كتب - غالب السهلي:
في لحظة ضحكنا.. وفي لحظة بكينا حتى أدركنا أن الحلم العالمي تلاشى، اغتيل بأيدي من لا يمتلك الشجاعة ويتحمَّل مسؤولية المهمة التي أوكلت له سواءً أكان المدير الفني أو المدير الإداري، أو اللاعبين، فأضحى هذا الخروج المرير القصة التي لا يمكن أن تُنسى لأن كل شيء تغيَّر وما بقي إلا سوء التكتيك وسوء المستوى وتخبط الأداء.
والحقيقة التي يجب أن لا تغيب هي أن المنتخب لم يقدم ما يشفع له سوى في مباراة إيران في طهران.. أما الباقي فلا يذكر، ذلك أن فريقنا وطوال التصفيات لم يثبت على تشكيل أو تكتيك، أو مدرب، كما أنه لم يمتلك لاعبين يستطيعون صناعة الفارق في كافة مباريات الفريق.
يجب أن نحزن ونشعر بمرارة الهزيمة بسبب الوطن وابتعاده المفاجئ من كأس العالم، فالجميع في وطننا الغالي متورم، متشنج، مصطخب، محتقن، ينظر في كل جهة علَّه يجد سبباً مقنعاً يهدئ من روعه.
بالطبع كنا نتمنى أن نحقق الفوز على المنتخب البحريني ونتأهل إلى الجزئية الأخيرة من الملحق الآسيوي.. لكن لم يكن باليد حيلة ما دام أن هناك شخصاً يقود فريقنا مثل البرتغالي بوسيرو الذي لم يحسن الإعداد الفني والنفسي للمباراة ولم يكن برنامجه بالمستوى المطلوب.. وأتحدى أن يكون هذا إعداد لاعبي منتخب لمباراة هامة مفصلية فيها يتحدد طموح أمة، لأن منتخبنا بدأ بأخطاء فادحة وسوء استعداد لخوض التصفيات بسبب الثقة المفرطة في حسم التأهل مبكراً.
نعم فالمنتخب لم يلعب دوراً مهماً في ترجيح الكفة لصالحه حتى وإن كان هدف البحرين جاء في وقت يؤكد وجود التوفيق له، في ظل عدم وجود خبرة لدى لاعبينا لتسعفهم في تسيير المباراة أو حتى إنهاء تقدم البحرين الشرس بعد هدفنا الثاني ولو لدقيقة، حيث كان يعاب على لاعبينا بسبب نشوة الهدف عدم اللعب على التشتيت وإضاعة الوقت فكان التباعد خلال ضربة الكورنر واضحاً.
جنوب أفريقيا كانت لنا هدفاً، إلا أن هذا الهدف على ما يبدو لن يتحقق طالما أن وسائله باتت في أوراق بوسيرو الشائكة، وذهنه الملخبط، فالمدرب الذي يملك أفضل نجوم الكرة السعودية لم يستطع تجيير التفوق لصالحه لا في مباراة الذهاب ولا في مباراة الإياب، فأي قصور في صناعة اللعب لن يؤدي إلا إلى الخسارة وأن الهجوم عندما يصبح معزولاً فالنتيجة البديهية هي الهزيمة، والمشكلة أن السيناريو تكرر، فقد خسرنا بذلك التأهل مباشرة بتعادلنا أمام كوريا وها نحن نخسره أمام البحرين.
المنتخب افتقد لصانع اللعب وعانى من ذلك الهجوم فضاع الأساسي والبديل، ومن البديهي أننا نجد أن البحرين تسجل فينا التعادل مرتين نتيجة لقوة في وسطها ولوجود من يصنع اللعب، والحقيقة التي يجب أن تُقال هي أننا نحن من ساعد المدرب على فعل شنائعه التدريبية في منتخبنا حينما أخرج الشلهوب وأبو شقير والقحطاني عبد الرحمن من التشكيلة الأساسية، وذلك حينما أشار المحللون والنقاد إلى أن مباراة الذهاب في البحرين تفوق المنتخب فيها بدفاعيته، فما زلت أذكر عبارات أن منتخبنا تفوق على ذاته، وأذكر أيضاً أن المنتخب قدم مستوى جيداً جداً، بينما كان ينتظر منهم التحدث بمنطقية وصراحة متناهية والاعتراف بأننا خرجنا بالتعادل لأننا لم نكن في الفورمة والسبب طريقة وأسلوب بوسيرو، وكذلك لم نعترف بأن البحرين تلعب بفرصتين، وبالتالي فلا يمكن لطريقة بوسيرو العقيمة أن ترجح كفتنا أمام فرصتي الضيوف.
الحديث في مثل هذا الوقت وعن ما فات أدرك أنه لا يجدي شيئاً فقد خرجنا من منافسات كأس العالم ولم يتبق إلا أن نقف مع أشقائنا البحرينيين في أن يكملوا المشوار ويمثلون خليجنا الحبيب في كأس العالم -بإذن الله-، لكن نحن بحاجة للنقاش الذي نهدف من ورائه الإصلاح، لأني أستغرب كيف ترك الأمر لبوسيرو، فأين من يناقشه أثناء التشكيل بل أثناء التدريب، بل ما بعد مباراتي كوريا والبحرين الأولى لأن الكل يدرك أن ما لدى المدرب هو تكتيك ضعيف وتشكيل حذر يفتقد لترابط الخطوط وسياسة غريبة في التبديل (شيل محور ونزل محور)!.
هذا هو الكلام الصحيح، لماذا لم يناقش الاستغناء عن ثلاثة نجوم كلهم يجيدون اللعب في خانة الوسط الأيسر؟.. فلم ينظر المدرب إلى أن البحرين في مباراة الذهاب كانت تلعب على الأطراف وكان لديها قوى فيهما، وفي لقاء الإياب اضطر لتحويل إما نور أو الجاسم لتلك الخانة بعدما جاء منها هدف التعادل البحريني الأول وكان كل منهما يهرب عن هذه الخانة لعجزه عن تأدية الدور فيها.
ولماذا لا يسأل عن تغييراته غير المجدية في تغيير نمط اللعب فهو يبدل في نفس الخانة.. وبالتالي يظل العطاء في تلك الخانة نفسه، فما زلنا نذكر كيف كانت تبديلاته الخاطئة في مباراة كوريا وأنها هي السبب في خسارتنا بالتعادل السلبي لأنها لم تكن لهدف توسيع نطاق الأداء وتحويله للأفضل فقد جاءت غير مجدية البتة كونها في نفس الخانات، وفي مباراة البحرين هذه تعمد بوسيرو نفس المنهجية فكانت السلبية للوسط والهجوم.
هذا الكلام في أثناء سير المباريات لمنتخبنا، بمعنى أن هناك أسباباً أخرى تُعنى بالتحضير الفني الجيد والمتمثل بالمعسكرات واللقاءات الودية، فالمنتخب السعودي لم يستعد جيداً حيث أقام معسكراً تدريبياً لمدة أسبوع في مدينة صلالة العمانية ولعب مباراة ودية أمام المنتخب العماني وخسرنا بهدفين وبأخطاء فنية فادحة ثم أنهى معسكره التدريبي في الدمام لعب فيه مباراة ودية وحيدة كانت أمام منتخب ماليزيا المتواضع وفاز المنتخب بهدفين لهدف في مباراة لم تكن لتفيد المنتخب فنياً، أما منتخب البحرين فقد أقام معسكره التدريبي استعداداً للمباراتين في النمسا ولمدة عشرين يوماً لعب خلالها ثلاث مباريات ودية كانت إحداها وأبرزها أمام بطل إيطاليا نادي أنتر ميلان ثم عاد إلى البحرين ولعب أمام منتخب كينيا وفاز عليه بهدفين مقابل لا شيء ثم اختتم استعداده بلقاء منتخب إيران في طهران وفاز عليه بأربعة أهداف مقابل هدفين وكانت هذه المباراة نقلة ممتازة في عملية استعداده لخوض الملحق القصير.. وتُعنى بالطرق المثالية لشحذ همم اللاعبين، فلم تكن الروح ظاهرة سوى في لحظات تسجيل الهدفين، وأما خلاف ذلك فقد كان الهدف أمام كل لاعب تخليص الكرة من جانبه، وكذلك حينما انعدمت ثقافة الاحتفاظ بالكرة في الدقائق الأخيرة وقتل اللعب فقتل فرحتنا البحرينيون بهدف قاتل!.
أقول إن كل ما كتب ويُكتب ويُقال وقيل وطُرح من آراء في أعقاب خسارة المنتخب للتأهل العالمي يجب أن يكون محل الاهتمام والقبول لأن الذي طُرح أو سيطرح فإنه في صالح المنتخب يقرأه المسئول واللاعب والكل في وطننا الحبيب فيدرك أن الخروج المرير لم يأت إلا لأسباب، وأن الحاجة باتت ملحة لإدراك أن في الأمر خيرة قد اختارها الله، وهي أن نتعجل في التصحيح ونبادر كلنا دون استثناء.
ولا أعتقد أن إقصاء البرتغالي بوسيرو سيكون الحل المرضي لأن بقاءه بصراحة (ما له داعٍ)، إنما الكل ينتظر لقرارات وبرامج جريئة تفصح عن أعمال جبارة هدفها إيجاد منتخب متكامل عناصرياً ويمتلك طاقات إدارية عالية ومدركة لدورها وكذلك يمتلك طاقماً تدريبياً عالمياً يعرف أسس البناء والإعداد والتجهيز والجرأة في اختيار اللاعبين دون النظر للأسماء، هذا ما أتمناه وكلنا ثقة بسمو أمير الشباب وسمو نائبه.