أتابع مع كثيرين غيري برنامج الدكتور محمد الهاشمي (الحوار الصريح بعد التراويح) على قناة المستقلة، والبرنامج لا أزيد في الثناء عليه أو أدلل على ما فيه من فائدة؛ فالكلام في هذا ما هو إلا تحصيل حاصل، وكل مَن كان له قلب يعي الفوائد والمنفعة التي يمكن الحصول عليها من متابعة مثل هذه البرامج الجادة...
... والهادفة إلى تبيان الحقيقة وإرشاد الناس إليها.
الذي أريد أن أتحدث عنه ما يحدث دائماً من مفارقات عجيبة وغريبة بين المتحاورين في مثل هذه البرامج التي تستضيف أهل المذاهب والفرق المختلفة في محاولة منها لتقريب وجهات النظر ولتوحيد صفوف هذه الأمة التي تخلخلت صفوفها بأفكار ومعتقدات دخيلة عليها باعدت بين أفرادها ومجموعاتها. وما أسمعه من كل طائفة أو فئة من اتفاقها على هذا وحرصها على وحدة هذه الأمة، بينما لا نرى منهم ما يؤيد ما يقولونه على أرض الواقع.
وأقول للدكتور الهاشمي الذي أقدر له هذه المبادرات الخيرة، إن أمة لا يوحدها كتاب الله وسنة نبيه، لن تتوحد أبداً، حتى لو أنفقنا ما في الأرض من كنوز على ذلك، وإن أمة تعيش على جهل علمائها، لا سبيل لهدايتها وهي تحيد عن كتاب الله تحت مبررات عدة، منها التأويل وعلم الكلام وما يمليه هوى نفوس مَن هم في موقع التأثير في عموم الناس، والمشكلة التي غابت عن دكتورنا الفاضل محمد الهاشمي هي أن الغالبية لا تكذب ما يبين لها من حق، سواء عن طريق ما جاء في كتاب الله من آيات محكمات أو من أحاديث نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - المتواترة والمذكورة في الصحاح، وهي تؤول وتبتدع التفسير وتلوي أعناق الأحاديث؛ لتجد لها مخرجاً أو مسوغاً لما يتوافق وهوى النفس؛ فهم لا يكذبون ما جاء من الحق ولكنهم لا يقبلون بهذا الحق الذي عرفوه ووضح لهم، وهذه سنة الأولين وكل مَن أراد أن يرد الحق، والتبرير والجدل عامة من سمة الإنسان الذي لا يريد أن يعترف بالحق لما جاءه؛ ولهذا سيجادل كل إنسان ربه وسيبرر كل تصرفاته وسيجد - حسب علمه الجاهل - ما يظنه مخرجاً؛ فيُشهد الله عليه - وهو سبحانه الغني عن ذلك - جوارحه وقلبه والمكان والزمان؛ حتى لا يجد غير أن يستسلم لحقيقة الأمر.
البيانان اللذان صدرا واعتبرهما الدكتور محمد الهاشمي إنجازاً تاريخياً، سيؤولان وتحرف معانيهما؛ فأمة لا يجد بعضها حرجاً في التطاول بالتأويل والتحريف على كتاب الله وأحاديث نبيه - عليه الصلاة والسلام - لن تعجز عن تحريف وتأويل وصرف ما أريد من هذين البيانين، وسنرى هذا قريباً.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com