تختلف دوافع العطاء من شخص لآخر، بل إن بعضاً من المبدعين تتعدد لديه حوافز ومسببات البحث عن الإبداع والتجلي، ومن هنا فإن تعدد الحلول لديه كفيل بتحقيق نتائج جيدة تحقق ذاته وتلاقي الإشادة من المتلقي. وفي الفن التشكيلي وهو ساحة كبيرة للإبداع تتبدى مثل هذه المعطيات بل انها تبدو لدى المنشغلين بالفن التشكيلي على نحو أكبر وأشمل فإلى جانب دافع الموهبة بالفطرة والحافز الداخلي والرغبة الذاتية الملحة للتعبير من خلال أدوات ووسائط التعبير المعروفة وهذا الدافع الأخير هو كما نعلم الدافع الرئيسي والأهم الذي يعول عليه أفضل النتائج والحلول القابلة للتطور والتجديد، ثمة آخرون من المنشغلين بهذا النوع من العطاء تكون لديهم درجة الموهبة ربما أقل أو أنها بحاجة إلى تحفيز أكثر وبحاجة أيضاً إلى حلول وبدائل متعددة. ومن هنا فإن ثقافة الفنان وسعة أفقه وجديته في البحث والاطلاع والتجربة والصبر والمثابرة والتثقيف الذاتي وعدم استعجال النتائج كل هذه المعطيات كفيلة بأحداث نقلة نوعية في الأداء.
وقد وجدت في الفنانة التشكيلية ليلى جوهر نموذجا لهذا النوع من التشكيليين، فالفنانة ليلى ومن خلال متابعة حضورها وجدت أنها في بداياتها كانت بحاجة إلى جهد مضاعف وعمل دؤوب حتى تصل، لأنها ومن خلال مشاركاتها الأولى مع معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت تحتاج إلى المزيد فقد كانت أعمالها في البداية تفتقد إلى الكثير من المقومات الفنية والتقنية وتحتاج أيضاً إلى الشيء الكثير، لكن ليلى جوهر وهي التشكيلية المثقفة وبما تملكه من ثقافة أدبية ومقومات أخرى أدركت ذلك وسعت ومنذ فترة متقدمة من حضورها إلى البحث والتجربة والاطلاع والسؤال وتعدد الحضور والمشاركة؛ ما مكنها من تكوين نفسها ومن خلال ذاتها وحدها وقابليتها للتطور والاستفادة من الآخر، كل هذه العوامل شكلت لدى ليلى عوامل وبدائل وحلولا ساعدت على حضورها الجمالي الجميل مؤخراً الذي تمثل في معرضها الشخصي الأخير الذي أقيم في جدة الذي من خلاله قدمت ليلى نفسها كشاهد أو نموذج للعمل الدؤوب الذي لا يعرف اليأس.
لقد جاء معرضها الأخير محملاً بتجربة فريدة من خلال التقنية اللونية والمعالجات الواعية للون ولقد كان البون شاسعاً جداً بين عطائها السابق وما قدمته في معرضها الأخير. لقد نضجت التجربة لدى ليلى وقدمت من خلال اللون حلولا أكثر جرأة واستطاعت أن تقدم سيمفونيات لونية محدثة بذلك نقلة نوعية واعية وفق ما تريد وما ترغب في إيصاله إلى المشاهد ولقد كان بالفعل حراكا نحو الأفضل وهو أيضاً شاهد للنتائج الإيجابية للعطاء الذي لا يعرف اليأس.
Sada-art@hotmail.com