Al Jazirah NewsPaper Friday  18/09/2009 G Issue 13504
الجمعة 28 رمضان 1430   العدد  13504

والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين

 

الجريمة مسلك حقير، وطريق الفاشلين والمنتكسين.. فلا يستغرب من أصحابها أي وسيلة يركبونها لتحقيق غايتهم، والوصول إلى أطماعهم.. عافانا الله وجميع المسلمين من هذا الداء العضال. ولكن هي سنة الله في خلقه، وهي ماضية إلى قيام الساعة..

والجريمة قبيحة في شكلها ومضمونها، وكلما أوغل أصحابها في التكتيك لها والتخطيط والاستهداف، ازدادت بشاعتها وخطورتها. يتجلى هذا الأمر بصورة لا غبار فيها بجريمة محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية سمو الأمير محمد بن نايف حفظهما الله تعالى. وهي محاولة جاءت في صورة المكر والكيد والتي هي مسلك أي مجرم فاشل ضعيف. إلا أن الله عز وجل حفظ سموه بفضله ولطفه ورحمته. وهذه الجريمة كما أثبتت سوء أصحابها، وسوء الجماعة التي خططت لهذا، إلا إنها كانت في حق أميرنا الباسل، المجاهد الصادق، والمرابط الصابر، حسنة من حسناته وحسنات والده وأسرته الكريمة، ومكرمة له وشهادة على شرف عمله وصحة منهجه.

ومن يستمع إلى مكالمته حفظه الله تعالى، والحوار الذي دار بينه وبين منفذ الجريمة يدرك صدقه ونصحه وصفاء أخوته.

إن هذه الجريمة على بشاعتها وخطورتها، وبشاعة منهج قادتها ومنفذيها كشفت حقائق مهمة، وعمقت معاني عظيمة تتجلى لكل من تأمل هذا الحادث.

فهي أولا: زادت الثقة والولاء والدعاء من الشعب السعودي لولاة أمره، وقادته ورموزه والأسرة الكريمة. مما عمق أواصر اللحمة الوطنية، وزاد من اجتماع كلمتها، وتوحد صفها. الأمر الذي يسعى أعداء هذا البلد لزعزعته من خلال استهداف أبنائه. {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، وهي ثانيا: أثبتت نجاح الخطة الأمنية، والإستراتيجية الدقيقة التي سار عليها وزير الداخلية ومساعده وكافة منسوبي وزارة الداخلية من أجل حفظ الأمن، من خلال متابعة أصحاب الفكر المنحرف، وردهم إلى جادة الصواب. ولا عجب في هذا فوزير الداخلية أمير الحكمة، المؤمن الصادق، والقائد المحنك، والمفكر الناجح.. حفظه الله تعالى. الأمر الذي أقض مضجع أعداء الإسلام بصفة عامة، وأعداء هذا البلد بصفة خاصة..

وثالثا: عَرّفَت المجتمع المحلي والعالمي بمكانة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وفضله وجلالة قدره، يدل على هذا النجاح الذي حققه من خلال برنامجي الرعاية والمناصحة..

وإذا أراد الله نشر فضيلة

طُويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت

ما كان يُعرف طيبُ عَرف العود

ورابعا: إن في حفظ الله تعالى لسمو الأمير محمد بن نايف استشعار لمعنى قوله تعالى:

{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} ولقوله عز

وجل: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.

خامسا: كشفت للمجتمع عمق التحديات التي تواجهها وزارة الداخلية، وإن الوزارة بكافة منسوبيها مجندة لخدمة هذا الوطن والحفاظ على أمنه، وليس كما يظن البعض إن العساكر وصغار الجند هم الذين في وجه العاصفة. بل إن كبار مسؤولي وزارة الداخلية هم الذين يباشرون أعمال الوزارة بأنفسهم، فيخططون وينفذون ويوجهون، ويقابلون المجرمين ويتحدثون معهم، ويصبرون على أذاهم، ويتغاضون عن سفههم..

سادسا: أبرزت البون الشاسع بين سمو أهداف سمو الأمير - حفظه الله تعالى - ونبل أخلاقه ومنهجه الأخوي الصادق المشفق في التعامل مع المنحرف، وبين خسة منهج وأهداف هذه الفئة الضالة وأسلوبها الماكر الخائن..

لقد علمنا سمو الأمير أن القوة ليست في السلاح الذي تحمله، والحرس الذين من حولك.. وهو من هو في ذلك؛ إن القوة في الإيمان الذي يملأ قلبك، والعدل الذي تقيمه، والخير الذي تقدمه، والثقة بالله تعالى.. فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

سابعا: زادت بيان خلل هذه الفئة الضالة، ودناءة مسلكها. وإلا فأين الدين وأين الخوف من الله تعالى ومراقبته حين يضعون هذه المتفجرات داخل أجسادهم بهذه الصورة القبيحة التي لا يقبلها العقل السليم، والفطرة السليمة، ناهيك عن الدين المستقيم وأهله.

ثامناً: أكدت على دور المجتمع في التعاون مع وزارة الداخلية لمواجهة الفكر الضال، وعدم التستر على المطلوبين، والتعامل مع وزارة الداخلية على أنها ستعينها على إصلاح أبنائها. وعلى الأسر أن تقرب من أبنائها وتتعرف على أحوالهم، وكيفية تفكيرهم. بل عليهم أن يتعرفوا من خلال القراءة والاطلاع على سبل تجنيد الشباب، وأسباب انحراف تفكيرهم، وسبل تحقيق الأمن الفكري لهم. وخير معين على ذلك أمور منها ما يلي:

1- تربية الابن على تعظيم الله ورسوله، وطاعتهما الطاعة المطلقة.

1- تربية الابن على حب العلم، وحب طلبه والتزود منه، وعدم الرضا بالقليل منه، والتفوق في ذلك، ولهذا الأمر وسائل كثيرة، تعرف في مظانها.

3- تربية الابن على المنهج الصحيح في التفكير، واحترام عقله، واحترام ذاته، وأن الله سيسأله عن عمله هو؟ وعن ماذا أجاب المرسلين وليس عن ماذا أجاب الرجال أو الآخرين.

4- تربية الابن على حب ولاة الأمر، وعلى طاعتهم والدعاء النصح لهم.

5- تربية الابن على حب العلماء ومعرفة فضلهم، وتعظيم قدرهم، وليس الغلو فيهم.

6- تربية الابن على تعظيم حقوق المسلمين، وتعظيم حرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم.

وختاما فإن الأمر لله من قبل ومن بعد فحمد لله على سلامتكم سمو الأمير، زادكم الله عناية وحفظا ورفعة وعلوا. وهنيئا لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز على سلامتكم، وحفظكم الله تعالى ابناً باراً، وبطلاً مغواراً، ومجاهدا صابراً، وجعلكم قرة عين لوالديكم في الدنيا والآخرة. وهنيئا للشعب السعودي بكم وبسلامتكم فأنتم بحق فخرا وعزا لنا جميعا، وأهلا لتقلد وشاح الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه-. جعلنا الله عونا وسنداً لكم في العسر واليسر.

أسأل الله أن يجعلكم ووالديكم ممن قال فيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار أبدا؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).

د. وفاء بنت عبد الله الزعاقي

جامعة الملك سعود


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد