الوفاء كلمة جميلة خفيفة على اللسان ثقيلة في الفعال، الوفاء ثبات على الحق، واعتراف بالجميل، والوفاء حب لا ينقطع ومودة لا تنتهي، الوفاء له صوره المتعددة التي اختلفت معالمها في حياتنا المعاصرة...
الوفاء حسن العهد، وحسن العهد من الإيمان إنه ملازمة للعهد واحترام للعشرة وعدم نسيان الفضل...
ولعلنا نعيش في المصطفى صلى الله عليه وسلم وكيف كان وفياً لا ينسى الفضل لأهله يكرم من أحسن إليه ومن أسدى إليه معروفاً.
ولو كان مشركاً كافراً..
فلما جمع أسارى بدر قال لو كان المطعم بن عدي حياً وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له..
وهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى الطائف.
إنه وفاء حتى للمشرك واعتراف بما قدّمه وعدم نسيان معروفه...
وقال صلى الله عليه وسلم ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يداً يكافيه الله بها يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط، ما نفعني مال أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً إلا وإن صاحبكم خليل الله).
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم السائب بن أبي السائب يوم الفتح وكان شريكه في الجاهلية فقال له مرحباً بأخي وشريكي لا يداري ولا يماري...).
والوفاء من العدل والإنصاف والتواضع ولين الجانب والسكينة وسلامة الصدر...
والوفاء لا يغير الحال السابقة مع وجود النعمة والرفعة.
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا
من كان يألفهم في المنزل الخشن
والوفاء عدم نسيان الفضل لأهله واحترام العشرة ومن أعظم الوفاء الوفاء للزوجة والزوج..
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها.
ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذبح الشاة ثم يهدي من خلائليها منها).
وفي حديث آخر (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد..).
ومن الوفاء وفاء الزوجة لزوجها وعدم نسيان فضله وكرمه.
وهذه صورة أخرى لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم...
فعن عائشة قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رقَّ لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها.
فقالوا نعم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليه أو وعده أن يخلي سبيل زينب إليه فأرسلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم... (الحديث).
وفي مثل هذا العصر المتلاطم بالفتن المليء بالمتناقضات والانحرافات يجد المسلم نفسه مضطراً إلى استحضار هذه الصور المشرقة من صور الوفاء ليربي نفسه على الوفاء، فيعيش المجتمع المسلم مترابطاً متحاباً، ويعم الأسرة الود والعطف والتراحم.
الرياض
twoian@hotmail.com