Al Jazirah NewsPaper Friday  18/09/2009 G Issue 13504
الجمعة 28 رمضان 1430   العدد  13504
د. صالح السامرائي يحكي لـ« AND » قصة رحلته الدعوية إلى طوكيو:
الشعب الياباني أكثر الشعوب تقبلاً للإسلام

 

طوكيو - خاص بـ (الجزيرة)

تعد اليابان من آخر الدول الآسيوية التي دخلها الإسلام في عام 1891م، وأول مسجد أقيم فيها كان عام 1935م حيث بني في مدينة كوبي، بينما تعد جمعية مسلمي اليابان أول جمعية إسلامية حيث انشئت عام 1953م، وأول مركز متكامل للدعوة الإسلامية أقيم في اليابان هو (المركز الإسلامي في اليابان) حيث أنشئ عام 1974م، ويتجاوز عدد المسلمين في اليابان حالياً أربعمائة ألف مسلم منهم مائة ألف مسلم من الجنسية اليابانية، ويوجد في اليابان أكثر من مائة تجمع إسلامي من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها.

وفي لقاء مع الدكتور صالح السامرائي مدير المركز الإسلامي في اليابان، أبان أن المركز منظمة دينية قانونية معترف بها من قبل الحكومة اليابانية وتم تسجيله لدى الدوائر الحكومية ذات العلاقة في عام 1980م، مشيراً إلى أن المركز الإسلامي يقوم بمهمة تقديم الإسلام للشعب الياباني عامة ويرعى المسلمين في اليابان بالفكر والتوجيه والكتاب والتعليم ويتعاون مع كل المسلمين في اليابان أفراداً وجماعات يابانيين ومقيمين، يتم ذلك من دون أي تبعية لأي جهة كانت وقراراته خاصة به بعيداً عن التحزب والتعصب والسياسة ملتزماً بقوله تعالى: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

وأضاف قائلاً: فالمركز الإسلامي جهاز دعوي يقدم الإسلام في اليابان عقيدة وفكراً وثقافة وسلوكاً تبعاً لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ويقوم نيابة عن الأمة الإسلامية بأداء فرض الكفاية في الدعوة إلى الله، وهو بذلك بحاجة إلى الدعم المسلمين في كل مكان بالدعاة والنصح والتوجيه وبالمادة.

ووصف الدكتور السامرائي بداية الدعوة في اليابان بأنها صعبة، وقال: إنه تم بذل جهود مخلصة لتعريف اليابانيين لتقبل الإسلام، لأنه شعب يميل إلى الفطرة، فأكثره لا يدين بدين، ومن يدينون بدين فهو غير كتابي، لذلك فهم يتقبلون الإسلام لموافقة الإسلام للفطرة الإنسانية التي لم يفسدها التعصب، وأيضاً لوجود فراغ عقدي يعاني منه الشعب الياباني، وأيضاً حق كل فرد في البيت الياباني حرية اعتناق أي دين، فقد تجد الأب (شنتو) والأم (بوذية)، وأحد الأبناء (نصرانياً)، لذلك إذا وجد ابناً مسلماً فهو أمر طبيعي، إضافة إلى أن الإسلام دين شرقي ليست عليه شبهات استعمارية، وارتباط بمطامع غير شريفة.

وقال الدكتور السامرائي: إن اليابان في الحقيقة تفتش عن شيء يحفظ لها كيانها، ومقوماتها الخلقية، ويرد لشعبها المثل الإنسانية التي لا غنى عنها، ولقد كتب لي أستاذي رسالة أخيرة ذكر لي بكل صراحة أن الشعب الياباني بدأ يظهر تبرؤه من نمط الحياة التي يعيشها، وبدأ يفكر في التفسير المادي لظواهر الحياة، الذي عبر عنه ب RATIONAISM، وبدأ يفتش عن غذاء روحي، وتفسير حقيقي لسر وجود الإنسان، وما ذكره أستاذي هو عين ما عبر عنه الكاتب والأديب الياباني الحائز على جائزة نوبل، الذي أقدم على الانتحار، فقد ذكر في كتبه الأخيرة كفره بمادية حضارة الغرب والشرق، وهنا يأتي دور الإسلام، وما يمكن أن يقدمه للشعب الياباني، ولو توافر الدعاة المخلصون الحكماء لاستطاعوا أن يطفئوا ظمأ هذا الشعب، ومادامت اليابان الآن على مفترق الطرق بين المسيحية والماركسية والبوذية، فأحرى بالإسلام أن يدخل منافساً رابعاً، ولأصبح دين المستقبل في اليابان.

وأضاف: إن الشعب الياباني مثقف ومدرك وجرب أنواع الحكم المختلفة، والأديان والأنظمة الكثيرة، إنه شعب يمقت العنف والتحكم ويحب الحرية، ومن هنا فلا مستقبل للماركسية في بلاده، كما أنه يحتاج إلى عقيدة إيجابية توافق بين حاجاته الروحية والمادية، وتوجد توازنا بين تقدمه التقني وفقره الروحي، والمسيحية والبوذية تعجزان عن تحقيق هذه الأهداف، والإسلام وحده هو الجواب على مشكلات الشعب الياباني، فهو يضمن حرية الفرد، ويحارب استعباد العباد، كما أنه في الوقت نفسه دين يجمع بين المادة والروح والدنيا والآخرة في اتساق عجيب، وهذا ما يجعله صالحاً لكل زمان ومكان، ولكل شعب، فالياباني عنصر قوي ونشيط ومخلص، فإذا أخذ الإسلام أخذه بقوة.

وقال: لقد استطعنا تدريب أكبر عدد من اليابانيين المسلمين على الدعوة، ولا أرى أي بلد يقوم بمثل هذه المهمة مثل المملكة العربية السعودية، فقد هيأ الله لها قيادة مؤمنة، وشعب مسلم، كما أن وجود المصالح الاقتصادية المتبادلة مع اليابان فرصة هيأها الله لهذا البلد، أن يلعب دوراً في نشر الدعوة الإسلامية في اليابان، والبشائر تدل على ذلك، ونأمل المزيد - إن شاء الله -.

وعن قصة سفره لليابان، ودوره الدعوي، قال الدكتور السامرائي: بعد أن أنهيت دراستي الجامعية في باكستان من جامعة البنجاب في الزراعة، وحصلت على قبول للدكتوراه من جامعة شتوت كارد بألمانيا، ومن جامعة جنيف بسويسرا، عزمت على السفر إلى اليابان لمصاحبة مجموعة من أهل التبليغ، ثم من هناك أتوجه إلى ألمانيا أو إلى سويسرا، وفي طريقي إلى أوروبا كنت مخططاً أن أزور الصين، والمناطق الإسلامية من الاتحاد السوفيتي، والشيوعية في أعتى أيامها، للاطلاع على أحوال المسلمين هناك، وكنت أقول لأهلي إذا فقدت في الطريق موتاً أو سجناً فابحثوا عني على أي حال، هذه كانت روح الشباب لدي، فسافرت من باكستان إلى الهند، ومن كلكتا ركبت الباخرة متوجهاً إلى اليابان، وبعد خمسة وعشرين يوماً وصلت ميناء يوكوهاما في السابع والعشرين من تشرين الأول أكتوبر 1960م، والتحقت في طوكيو بمجموعة من التبليغ من الباكستانيين، وهم كانوا قد وصلوا قبلي بشهر، وتجولت معهم لمدة شهرين تقريباً في مختلف أنحاء اليابان، وكان مما لاحظته هو أن عدداً كبيراً من اليابانيين يدخلون الإسلام، ويقبلونه، إلا أن جماعة التبليغ تعود لبلدها وتترك هؤلاء المسلمين دون رعاية، فمثلهم كمن يزرع بذوراً في الصحراء فإن أصابها مطر نبتت وترعرت، وإن لم يصبها ماء ماتت في مهدها، فاستخرت ربي، واستشرت بعض أصدقائي، وقررت البقاء في طوكيو لأكمل الدراسة في إحدى جامعاتها، ثم أوجه نظر العالم الإسلامي، والعرب خاصة، لمساعدة الدعوة الإسلامية الناشئة في هذا البلد الناشئ، ووفقني الله للحصول على قبول في أكبر جامعة باليابان، وهي جامعة طوكيو - في طوكيو وحدها مائتا جامعة -، قالوا لي في جامعة جنيف نفصل لك برنامج في الاقتصاد الزراعي لتأخذ الدكتوراه بثلاث سنوات، أما في جامعة طوكيو فالأمر يستغرق ست سنوات (ماجستير ودكتوراه) فاخترت جامعة طوكيو.

وتطرق الدكتور السامرائي إلى مسألة تكوين جمعية أو اتحاد للطلبة المسلمين، وقال: إنه بعد عدة اتصالات بين الطلبة تم تشكيل جمعية الطلبة المسلمين في اليابان، التي كانت تضم طلاباً من إندونيسيا (وكانوا أكثر نسبة بين الطلاب المسلمين)، وباكستان، وإيران، وتركيا، والبلاد العربية، والملايو، ومن الأقليات المسلمة في تايلاند، وبورما، وفيتنام، وكمبوديا، ومعهم الطلاب اليابانيون المسلمون، وكان ذلك في أوائل 1961م، وكانت هناك جمعيات قومية ووطنية مثل جمعية الطلبة العرب، وجمعية الطلبة الإندونيسيين، وجمعية الطلبة الباكستانيين، إلا أن أغلب أعضاء هذه الجمعيات من المسلمين كانوا أوتوماتيكياً أعضاء في جمعية الطلبة المسلمين، وكان هناك انسجام بين انتماء الفرد لوطن أو عرق، وبين ولائه للعقيدة الإسلامية، وهذا هو عين ما وقع في تاريخ الإسلام الطويل، إذ إنه لم يغط على القوميات، بل اعترف بها وآخى بينها {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، فمنذ ظهور الإسلام ظل سلمان فارسياً، وصهيب رومياً، وبلال حبشياً، وصلاح الدين كردياً، ومحمد الفاتح تركياً، وبقي العربي عربياً، والأفغاني أفغانياً، إلا أن محصلة جهودهم وإخلاصهم وولائهم كانت الإسلام.

أما عن نشاط هذه الجمعية، فيقول السامرائي: إن الجمعية كان لها نشاط من شقين: الأول مع الطلبة من أعضائها، والآخر مع المسلمين اليابانيين، فلقد هيأت للطلبة جواً ساعد على اعتزازهم بدينهم وعدم ذوبانهم في مجتمع غريب عنهم، إذ من المعلوم أن الإنسان إذا تغرب يضعف أمام التيارات، فإذا وجد من يقومه استقام، وكانت تستغل المناسبات الإسلامية، ويستفاد منها كالأعياد، ورمضان، فيجتمع الطلبة وتعمل الاحتفالات، والإفطار المشترك، والسفرات، والندوات، كل هذه ساعدت إلى حد كبير على احتفاظ الطالب بنوع من الصلة بدينه ومجتمعه الذي جاء منه، ولقد كان الارتباط واضحاً بين الطلبة المسلمين أثناء إقامتهم في بيوت الطلبة المختلفة، سواء لدى إدارة هذه البيوت، أو المقيمين فيها من الملل الأخرى.

وعن النشاط مع المسلمين اليابانيين، قال: لقد تأسس مجلس إسلامي مشترك مع جمعية مسلمي اليابان أخذ على عاتقه مسؤولية التخطيط للدعوة الإسلامية في البلد، وأول عمل قام به هو توجيه نداء إلى العالم الإسلامي للفت نظره لمساعدة النشاط الإسلامي في اليابان، ولقد حصلنا على مساعدات مادية من الكويت والسعودية كانت الأساس في أغلب أعمالنا، وحصلنا على كتب ونشرات من بعض البلاد الإسلامية مثل الباكستان، وطبعت عدة كتيبات وكتب ورسائل باللغة اليابانية، وصدرت جريدة (صوت الإسلام في اليابان مرة كل عشرين يوماً، وعقدت دورات للشباب المسلم الياباني لتعلم اللغة العربية، والقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وكانت هذه الدورات تعقد في معبد مونجين) الذي يبعد عن طوكيو ثلاث ساعات، في منطقة إينزان Enzan بمقاطعة ياماناشي Yamanahi، والمعبد على سفح جبل أخضر (واليابان كلها خضراء لوجود الغابات وأشجار الفاكهة) أسلم صاحبه واسمه مونجين، وأحاله إلى مسجد بعد أن كانت تقام فيه الشعائر البوذية).

وواصل القول: إن الإنسان يشعر بقربه من الله، وتتراءى له عظمة هذا الدين في تلك الأصقاع التي لم تشهد في حياتها مسلما، بينما ترتج جوانب الجبال بصوت الله أكبر يرفع خمس مرات، ويحمد الله أن ظهر من أبناء هذا الشعب الذي ما سمع كلمة التوحيد من قبل، ولم تتعفر جبهته بتراب السجود لله من يقف بكل خشوع مصلياً، ويتلو القرآن الكريم بعجمة هي أوضح من عجمة أي شعب مسلم غير عربي، على الرغم من أنه حديث عهد بالإسلام، ومما يجعل الجو أقرب إلى الفطرة هو أننا خلال إقامتنا عند مونجين لا نتناول إلا الطعام الطبيعي الذي تنبته الأرض، كالرز الأسمر الذي لم تتناوله يد الإنسان بالتبييض والتلميع، وأنواع الفواكه والخضراوات المكبوسة، وبراعم البامبو المسلوقة، والجلوس لتناول الطعام على الأرض على الطريقة اليابانية، وهنا يعطي المسؤول عن الدورة الإشارة ببدء الطعام، ولكن بدلاً من أن يستعمل اللفظ الياباني التقليدي (إيتادا كيمس Itadaitimas) يقول (بسم الله الرحمن الرحيم)، ويعقبها باللفظ التقليدي الذي يعطي معنى مقارب للإسلام.

واستمر قائلاً: وفي مثل هذه الدورات كنا نعد الشباب الياباني المسلم، وقد ذهب بعض هؤلاء بل أكثرهم إلى الجامع الأزهر، وبقية الجامعات في البلاد الإسلامية والعربية، ورجعوا بعد أن تعلموا الكثير، وتسلَّموا جمعية مسلمي اليابان، وهم الآن يلعبون دوراً هاماً في النشاط الإسلامي باليابان، بل إن أساتذة اللغة العربية في اليابان معظمهم منهم، وكان المجلس الإسلامي يقوم بإرسال الدعاة والمبلغين إلى أنحاء اليابان المختلفة لتفقد التجمعات الإسلامية ولدعوة الآخرين إلى الإسلام، وكان المجلس يتحمل نصف نفقات الدعاة والنصف الباقي يتحمله الدعاة أنفسهم، ومعظمهم من الطلبة، وكانت هذه الجولات تعمل على تقوية الأواصر الأخوية بين الداعين أنفسهم، وتزيد من ارتباطهم بعقيدتهم، إضافة إلى ما يقدمونه من مثل حي عن الإسلام إذ إن معظمهم من الشباب ومن جنسيات مختلفة، والإندونيسيون منهم أقرب في سحنتهم إلى اليابانيين، كل هذه الأمور تجعل الياباني يطمئن إلى هؤلاء القادمين السمر والصفر، ذلك الاطمئنان الذي لا يتوافر مثله لدعاة الأديان الأخرى، كما أن ذلك يشعر الياباني أن له مكاناً داخل المجتمع الإسلامي.

وقال رئيس المركز الإسلامي في اليابان: عملت جماعة التبليغ على نشر الإسلام في مناطق ما شهدت مسلماً من قبل، ولا عرفت الإسلام، مثل مدينة طوكوشيما في جزيرة شكوكو، التي تبعد حوالي 800 كيلو متر جنوب غرب العاصمة طوكيو، وهي مسقط راس خالد كيبا ومحل إقامته الحالي، لقد زارتها أول مجموعة من التبليغ عام 1956م، ومعهم الحاج عمر ميتا مترجماً فحان وقت الصلاة فأذنوا وأقاموا وصلوا فاجتمع الناس حولهم، وبعد الانتهاء تحدثوا معهم عن الإسلام فأسلم البعض منهم ورجع أهل التبليغ إلى بلادهم، ثم أعادوا الكرة في العام التالي واتصلوا بالمسلمين القدامى الذي جاءوا، ومعهم أقاربهم، وأصدقاؤهم، فأسلم البعض وهكذا بدأ عدد المسلمين يزداد وأصبحت طوكوشيما ثاني معقل للإسلام في اليابان، وكنا من طوكيو نذهب إلى طوكوشيما بين الحين والآخر لتفقد المسلمين هناك ولإدخال من يهديه الله إلى الإسلام، وحدث أن كان يسكن في مدينة كوبي الميناء المشهور الذي يبعد حوالي 150 كيلو متر عن طوكوشيما رجل باكستاني يعمل في تجارة اللؤلؤ، وكان أهل التبليغ كلما مروا به يدعونه لمصاحبتهم إلى طوكوشيما فيسخر منهم، ومن كثرة إلحاحهم عليه تثاقل على نفسه فصحبهم إلى هناك، ورأى إقبال الناس على الإسلام، فشرح الله صدره لعمل الدعوة والتبليغ وكان يتعهد مسلمي طوكوشيما في غياب جماعة التبليغ حينما ما يرجعون إلى بلادهم، بل بدأ يتفنن في طرق الدعوة وجذب الناس إلى الإسلام، زد على ذلك أنه كان يعرف اليابانية، فهدى الله به خلقاً كثيراً، واسم هذا الرجل (أحمد موتى والا) وتعني باللغة الأردية أحمد أبو اللؤلؤ.

وأضاف: أن المراقب وهو يرى عملية التحول إلى الإسلام، وخصوصاً في طوكوشيما تتكرر عنده الصورة ولو مع الفارق لما كان يجري في المجتمع الذي جاءته دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة والمدينة كما يلاحظ اختلاف الناس في مدى تقبلهم وانطباعهم عن هذا الدين، فالسيد زكريا ناكاياما رجل متوسط العمر من قرية قرب طوكوشيما أسلم وأسلمت عائلته معه (الياباني في كثير من الحالات لا يحرص أو لا يبذل الكثير في نقل عقيدته إلى أهله), وفتح الله صدره للعمل الإسلامي الجاد فهو نشيط في دعوة أصدقائه إلى حضور مجالس التبليغ كلما جاءوا للمنطقة وهدى الله به خمسة وثلاثين شخصاً، ومن عجائب الأقدار أن الأخ زكريا هذا ورث عن أبيه رقعة مخطوطة بالمقاطع الصينية تحتوي على حكمة من الحكم، ومن المعلوم أن المقاطع الصينية يمكن قراءتها بعدة أوجه وتعطي عدة معاني، ولما رأى الحاج عمر ميتا القطعة وهو بروفيسور في اللغة الصينية قال إن أحد معاني هذه الكتابة هو بذل مافي الوسع لنصرة الإسلام، وهذا ينطبق على أفعال المهتدي زكريا، مع العلم أن والده لم يكن مسلما وقضى الابن أول عمره على غير دين الإسلام، أما الشخص الآخر فهو (أمين ياما موتو) من طوكوشيما فقد ظل هذا الرجل سنتين يقوم بكل الخدمات التي نحتاجها عندما نذهب إلى بلدته إلا أنه لم يعلن إسلامه ولم نكن نلح عليه في تقبل الإسلام، وفي إحدى سفراتنا إلى هناك أعلن قبوله لدين الإسلام، وأسلمت معه ابنته وابنه، وشخص آخر من طوكيو اسمه معاذ أسلم على يد أهل التبليغ وسافر معهم إلى باكستان لعدة شهور، وعاد ثم غاب عن مسجد طوكيو سنتين وفي أحد الجمع جاء إلى المسجد وصلى معنا الجمعة وقال: (يا أيها الإخوان إن إيماني السابق لم يكن صادقاً إلا أني الآن جددت إيماني وولائي للإسلام وقد فتح الله على أبواب رحمته فزاد في صحتي وبسط في رزقي).

وانتهى الدكتور السامرائي إلى القول: لقد بذلت جهود مخلصة في نشر الإسلام نتائجها كانت مبشرة واكتسبت الدعوة الإسلامية خبرة مما حصل من نجاحات وفشل في العمل الإسلامي، وقد أظهرت جميع هذه المحاولات استعداد الشعب الياباني الكبير لتقبل الإسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد