في طاش 15 تأكد لفريق العمل بأن مسلسلهم لم يعد يقدم جديداً، وأنهم أصبحوا يقدمون أفكاراً استهلاكية سبق أن تناولوها في نسخ طاش السابقة، مما أدى إلى القناعة التامة لديهم بأهمية إيقاف المسلسل، والذي جاء أيضاً من خلال انطباعات المشاهدين أنفسهم.. واضطروا أن يتحولوا إلى مشروع آخر، عبارة عن مسلسل يومي خلال رمضان الماضي بعنوان: (كلنا عيال قرية).. وهذا الأمر يعرفه المشاهدون جميعاً، ولكن هذا المشروع لم يحقق نجاحاً، بل إن كثيراً من المشاهدين توقفوا عن مشاهدته بعد الحلقات الأولى واتجهوا إلى متابعة مسلسلات أخرى.
ولأن الوصول للقمة قد يتيسر للمبدعين، لكن يظل المحك الحقيقي في المحافظة عليها، فإن نجوم طاش أصبحوا مرتبطين في ذهنية المشاهدين بهذا المسلسل، وهو بحق ظل لسنوات العمل الأبرز بما يحمل من كوميديا مميزة وطرح قضايا جادة تلامس هموم وشجون المواطن في أنحاء المملكة المختلفة، طرحت قضايا عديدة كانت هي الأكثر جرأة على مستوى المسلسلات السعودية كافة، حتى عندما كان المسلسل محتكراً على القناة الأولى السعودية، وأيضاً بعد هجرته إلى أم بي سي، كان أكثر جرأة في كشف الكثير من القضايا التي يواجهها المواطن السعودي في الوزارات والإدارات الحكومية المختلفة، وكذلك في كشفهم لجوانب كثيرة في المجتمع، من ظهور اتجاهات جديدة بدأت تعلن عن ذاتها، حتى ولو كانت موجودة فيما سبق، وهذه الخطوات كلها مرتبطة بمساحة الحرية التي تتيحها الدولة للإعلام في أن يقدم وينقل بكل واقعية هموم المواطنين.. الكشف الذي قدمه مسلسل طاش كان متميزاً في نسخ طاش 12 و13 و14.. أما النسخة 15 فقد مثلت مرحلة التحول لفقدان المسلسل بريقه، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا حدث ذلك؟.. يتلخص الأمر في الآتي:
أولاً: القضايا المطروحة بدأت تتكرر، وربما حتى في نسخة هذا العام لوحظ تكرر بعضها، ولا يمنع أن تتكرر بعض الأفكار المطروحة ولكن يجب أن يتم معالجتها بطريقة جديدة، ومختلفة، تتواكب مع التحولات التي تعيشها المملكة.
ثانياً: الكركترات (الشخصيات) التي قدمها أبطال المسلسل استمر العمل من خلالها، مما أدى إلى فقدان بريق تلك الكركترات، فمثلاً شخصية فؤاد أو شخصية أبو علي لدى ناصر القصبي على روعة هاتين الشخصيتين، وقدرة القصبي على تقديم كوميديا متميزة من خلالهما، إنما عندما تمَّ تكرارهما لسنوات لم تعد ملفتة أو جاذبة للمشاهدين، وفقد القصبي القدرة على الإبداع في تقديم الشخصية، ولم يعد هناك تجدد، والمشاهد من طبيعته يبحث عن الجديد.
ثالثاً: القضايا المطروحة التي أشرنا إليها يجب أن يكون هناك تجدد في طرحها وطرح الأكثر جدة، والأكثر جرأة، وهذا لمسناه بحق هذا العام حيث تم طرح قضايا لأول مرة تطرق، مثل قضية إسلام العاملين البوذيين، وكانت طريقة الطرح للقضية جيدة، وكذلك قضية عمليات التحويل من ذكر إلى أنثى أو العكس - التي تحدث لبعض الشباب - وهي ناتجة عن خطأ في التشخيص أثناء الولادة، وجهل من الأسرة، لكن كان ينبغي أن يقدم الابن في أسرة غير متعلمة، وغير قادرة على التمييز.
رابعاً: لا يجب أن تقدم أي فكرة على جزأين ما لم تكن تستحق أن يتم عرضها بشكل موسع، هناك حلقات ظهر فيها الحشو، ومحاولة إطالة الموضوع دون أن يكون هناك مسوغ لذلك.
أخيراً أعتقد أن أبطال طاش ما طاش لن يتمكنوا من تقديم أنفسهم للمشاهدين خارج دائرة هذا المسلسل، وما يؤكد ذلك تجربتهم في عيال قرية، وهذا الأمر إن كان يمثل نجاحاً أو فشلاً - لا أعرف - بحسب الرؤية التي قد تختلف من شخص لآخر، لكن ما أرجوه لهذا المسلسل الناجح الذي يقدم الآن في نسخته الجديدة 16 بعد التوقف أن يعمل بكل جدية على التجدد، وعلى تقديم كركترات جديدة، وأن يتخلص من تلك التي يعرفها المشاهدون واعتادوا عليها، فهي ستكون جاذبة للمشاهد، وكذلك فتح قضايا أكثر جرأة وأكثر التصاقاً بالمشاهدين وهمومهم.
Kald_2345@hotmail.com