(الجزيرة) - عبدالعزيز العنقري
خلال اللقاء الذي أقامته غرفة جدة نهاية الشهر الماضي بحضور صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، تطرق سموه إلى عدة قضايا اقتصادية مهمة, كان منها حديثه عن الأوراق التجارية وما يشوبها من إشكالات كالتأخر في صرفها أو إصدار شيكات دون رصيد، معداً مرد ذلك عدم البت السريع بها والتأخر في تطبيق العقوبات على المخالفين، موضحاً ما لذلك من ضرر كبير على الاقتصاد المحلي، مع تأكيده أن التأخر في الصرف أو إصدار شيك دون رصيد جريمة كبيرة توجب معاقبة المتسبب بها.
وقال سموه إن هذا الأمر محل اهتمامنا وقريباً إن شاء الله من خلال التنظيم والتنسيق بين وزارة التجارة ووزارة الداخلية وهيئة التحقيق والإدعاء العام والمحاكم التجارية, سنقضي بإذن الله على ظاهرة الشيكات دون رصيد ليصبح الشيك ذا أهمية واعتبار ويتم صرفه في تاريخه المستحق.
وأوضح سموه أن هذا الأمر وصل حالياً إلى مجلس الوزراء، وسيبت فيه قريباً إن شاء الله ونأمل ألا يمر وقت إلا وقد حلت هذه المشكلة ليصبح وجود شيكات دون صرف أمراً مرفوضاً وجريمة اقتصادية يعاقب عليها حتى تتحصل الحقوق في وقتها.
ولإلقاء المزيد من الضوء على حديث سمو النائب الثاني، حول الأوراق التجارية والشيكات دون رصيد، توجهنا بالسؤال عن ذلك إلى مدير عام الشؤون القانونية بغرفة الرياض المستشار القانوني ماجد بن عبدالله الهديان الذي قال: (أحب أن أؤكد بداية نقطة مهمة جداً قد لا يدركها أغلب المتعاملين بالشيك، ألا وهي أن الشيك ورقة تجارية نظامية يستخدم كأداة دفع فوري بمجرد الاطلاع عليه وليس أداة ائتمان كما نص على ذلك نظام الأوراق التجارية، لذا يجب نشر الوعي القانوني وتثقيف أفراد المجتمع حول هذه النقطة المهمة).
وأضاف أنه أصبح من الضرورة تفعيل أحكام النظام ذات العلاقة بالشيكات المرتجعة وخصوصاً التي دون رصيد من كل الجهات الحكومية ذات العلاقة, فالأحكام التي تصدر بحق المدين الذي يصدر عنه الشيك دون رصيد, قد يتعذر تنفيذها بشكل فعال. لأسباب عديدة منها صعوبة معرفة عنوان المدين وهذا مدعاة لحث الجهات الحكومية التنفيذية في تحديث بيانات المواطنين والمقيمين.
وحول آلية العمل في المملكة مع قضايا الشيكات دون رصيد أوضح الهديان أن الحكم الصادر بحق المدين قد يتضمن العقوبة المالية والحبس وقد يتناول التشهير بالمدين في الغرف التجارية لمدة شهر. وأكد أن ما يميز قرارات مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية أنها مشمولة بالنفاذ المعجل لدى الجهات التنفيذية، بمعنى لا تراخي في التنفيذ بعد أن يكتسب الحكم الصيغة التنفيذية له، ومن يرغب في التماس لإيقاف تنفيذ الحكم بعد انقضاء المدة النظامية المحددة بـ30 يوماً، فعليه أن يتقدم بشيك مصدق باسم معالي وزير التجارة والصناعة ثم يقدم اعتراضه لأسباب موضوعية أو شكلية.
واستطرد الهديان على أن بطء التنفيذ لهذه القرارات يساهم في المماطلة من المدين مما يلحق الضرر بالدائن داعياً لتعديل نظام الأوراق التجارية الحالي لاعتبار إصدار الشيكات دون رصيد جريمة جنائية كما هو معمول به في الدول المجاورة كالإمارات والكويت والبحرين وغيرها. حيث يتم التعامل مع الشيكات دون رصيد من خلال النيابة العامة وليس من خلال الجهات المدنية كوزارة التجارة وفي هذا حماية للاقتصاد الوطني.
مضيفاً أن الشيك يحظى في دول عديدة بمصداقية واحترام نتيجة الوعي القانوني لدى مجتمعات تلك الدول ونتيجة للعقوبات الصارمة التي تطبق بحق من يصدر الشيك دون رصيد والتي تصل إلى المنع من السفر والحبس الفوري ودفع تعويض عند التأخر عن السداد جبراً للضرر الذي قد يلحق الدائن من مماطلة المدين.
وطرح الهديان عدة مقترحات لتقليل ظاهرة الشيكات دون رصيد، هي:
- التوعية بالعقوبات التي تنتظر من يصدر شيك دون رصيد.
- تفعيل دور الجهات التنفيذية ومحاسبتها عند التقصير في القيام بدورها.
- معاقبة مصدر هذه الشيكات من خلال منعه من السفر باعتبار ما قام به جريمة جنائية.
- وضع تشريع للبنوك من قِبل مؤسسة النقد ينص على أن أي شخص يُصدر شيكاً دون رصيد ولديه أكثر من حساب سواء في البنك الصادر عنه الشيك أو في بنوك أخرى. فإن هذا الشيك يجب الوفاء به وتغطيته من هذه الحسابات التي تعود للمدين.
بمعنى أن تكون جميع حسابات المدين وفي أي بنك هي الكفيلة له، وبالتالي يتم تغطية الشيك دون رصيد من خلال أي حساب يعود للمدين وموجود في أي بنك وهذا ما يجعل الدائن في أمان أكثر.
وحول المدة التي تستلزم للنظر في قضايا الشيكات دون رصيد أجاب الهديان أنها حالياً تأخذ من شهر إلى ثلاثة أشهر، مبيناً أن عدد القضايا انخفض بعد الأزمة المالية نتيجة لانخفاض الثقة بين المتعاملين، وإصرار الدائن في الحصول على شيك مصدق.
ويُذكر أن شركة سمة للمعلومات الائتمانية كشفت الشهر الماضي أن عدد الحالات المتعلقة بالشيكات دون رصيد بلغت حتى الآن 20 ألف حالة، مع التوقع أن يبلغ قيمتها بنهاية العام الجاري (10) مليارات ريال، وهذا يبرر ما ورد في أحدث التقارير الاقتصادية العالمية المعتمدة التي وضعت المملكة في ترتيب متدني عالميّاً في جزئية تطبيق نظام الشيكات والأوراق المالية وصل إلى المرتبة (135) من أصل (178).