Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/09/2009 G Issue 13508
الثلاثاء 03 شوال 1430   العدد  13508
الحبر الاخضر
يكفيني اسم واحد وهو أني (عبدالله)
د. عثمان بن صالح العامر

 

لقد قال خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - هذه العبارة (يكفيني اسم واحد وهو أني عبدالله) حين استقباله معالي وزير الصحة مساء يوم الجمعة الماضي واعتذاره لمعالي الدكتور عبدالله الربيعة ولعدد من وكلاء الوزارة عن حمل مشروع الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة لاسمه، حفظه الله. والدلالة الضمنية التي أستخلصها هنا أنه - أيده الله - في كل خطوة يخطوها يستشعر كونه عبداً لله، ويذكّر نفسه ومعالي الوزير ومَن معه وغيرهم كثير بعظم كون الإنسان عبداً لله؛ فالأمانة والمسؤولية بين العبد وربه قبل كونه بين العباد بعضهم وبعض، كما أنه - رعاه الله - يرسل رسالة لنا نحن شعبه المحب بأنه يعمل لنا كل ما يستطيع من أجل نيل رضا الله وفي ظل المنهج الذي رسمه الله لعباده؛ فكل ما قام ويقوم به هو في نظره - أيده الله - واجب ديني ووطني وإنساني، وفي هذا درس لنا جميعاً في التعامل مع المناصب وحين الجلوس على الكراسي!!،، كما أن من دلالة هذه العبارة عدم رغبته - رعاه الله - بمثل هذه التسميات؛ ولذا يكفي هذا الصرح العلمي الشامخ مزية أنه نال حق الاستثناء من القاعدة المعروفة عنه - حفظه الله ورعاه -؛ فشرف بحمل اسم عبدالله (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية)، ولولا حب عبدالله بن عبدالعزيز للعلم وتقديره للعلماء، ولولا أهمية هذه الجامعة ومنزلتها في قلب خادم الحرمين الشريفين، لما حملت هذا الاسم العزيز المحفور في قلوب الملايين.. إن القناعة التي يحملها عبدالله بن عبدالعزيز، ومنذ كانت هذه الجامعة حلماً يراود خياله قبل خمسة وعشرين عاماً، أن البحث العلمي - التقني هو مفتاح التنمية الحقيقية في المجتمعات العالمية الحالية والمستقبلية؛ ومن هنا كان القرار المفصلي من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين بميلاد هذا الكيان العلمي المرموق وصولاً إلى التنمية العلمية العالمية المستدامة في عصر العولمة الصعب. إنني أعرف أنني لن أضيف شيئاً إذا قلت إن الأموال التي تصرفها الدول المتقدمة على هذا المنشط الإنساني الهام أرقام فلكية مهولة مقارنة بما يصرف في مجالات التنمية الأخرى في ذات البلاد، وفي المقابل فإن البحث العلمي في العالم العربي والإسلامي عموماً بل في جميع بلدان العالم الثالث يعاني كثيراً، سواء في توفير متطلبات البحث من معامل ومختبرات وأجهزة ومراجع ودراسات ومجلات علمية متخصصة أو في احترام الباحثين المهرة المتخصصين ومنحهم حقهم الأدبي والعلمي والمادي أو في متابعة الجديد مما يصدر في بلاد العالم المتقدم أو في الترجمة أو... ولذا هاجر كبار العلماء الباحثين من بلاد شرقية كثيرة إلى بلاد الغرب وعُرف ما أطلق عليه (هجرة العقول البشرية). ولكون المملكة العربية السعودية مَن يملك القيادة السياسية والاقتصادية والدينية فهي البلد المرشح بقوة لتقود الحركة العلمية والحضارية والفكرية في البلاد العربية والإسلامية؛ لتعيد هذه العقول إلى مواطنها الشرقية، والخطوة الأهم هي ميلاد مثل هذه الجامعة التي انبرى لها عبدالله بن عبدالعزيز؛ فأحال الحلم إلى حقيقية ماثلة للعيان في زمن قياسي عجيب، وجزماً ستكون جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمثابة النقلة النوعية لحركة التأليف والبحث والترجمة والتعاون العلمي السعودي والعربي والعالمي. إن العقل العلمي عامة، والإسلامي خاصة، والعربي على وجه الخصوص، مدعو من لدن ملك الإنسانية الرمز عبدالله بن عبدالعزيز، وبقوة؛ للمجيء إلى بوابة بلاد الشرق بلد الخير والنماء والعطاء بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، مدعو إلى العيش في بيئة علمية حاضنة ومتميزة وطموحة، وستحظى هذه الدعوة الكريمة - في ظني - بالفرح والقبول مع جزيل الشكر والتقدير لصاحب الدعوة الكريمة من قبل عدد من الباحثين والمتخصصين، ومن حظي بمقابلة المفكرين والكتاب والباحثين العرب والمسلمين في بلاد الغرب بل حتى الغربيين أنفسهم أو قرأ لهم أو عنهم، سيجد لدى جمع منهم توقاً شديداً إلى خوض تجربة الحياة في المملكة العربية السعودية، إما بدافع تجربة الحياة في بيئة جديدة أو الرغبة في الاستقرار في مهبط الوحي قريباً من الحرمين بعد عمر طويل في بلاد الغربة والترحال أو من أجل تربية الأبناء في بلد إسلامي يعيدهم إلى بيئتهم الدينية الصحيحة، وهؤلاء الباحثون سيحركون المياه الراكدة ويبعثون روح العطاء من جديد في نفوس منسوبي الجامعات السعودية عموماً، ومَن لديهم روح البحث والابتكار والتجديد على وجه الخصوص، وستتغير نتيجة ذلك مناهج البحث وآليات الكتابة والتأليف، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى وقته الطبيعي حتى يصل الأثر إلى التغيير الذي نؤمله نحن الأكاديميين ونتوقعه؛ فالشكر لك يا الله أن رزقتنا قيادة واعية تبجل العلم وتقدر العلماء، والشكر لخادم الحرمين الشريفين على دعمه المتواصل ومتابعته المستمرة للتعليم في المملكة العربية السعودية، سواء العالي منه أو العام، وتهنئة من القلب لنا نحن السعوديين، قيادة وشعباً، بهذا المنجز التاريخي المهم وباليوم الوطني الذي يحمل دلالات عدة لا يمكن اختزالها بالحروف والكلمات ولا التعبير عنها بالجمل والعبارات، كيف لا وهو يوم نعيش فيه نحن أبناء هذا الوطن المعطاء ملحمة التوحيد، ونرى فيه قصة البطولة، ونلمس من بين آثاره الخالدة قمة جمع الكلمة وتوحيد الصف، ودمت عزيزاً يا وطني، وكل عام وأنتم بخير.. وإلى لقاء، والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد