Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/09/2009 G Issue 13508
الثلاثاء 03 شوال 1430   العدد  13508
هذرلوجيا
جرس الثعلب
سليمان الفليح

 

كلما رأيت صورة اللواء عبدالله الشهراني مدير شرطة منطقة الرياض في إحدى صحفنا المحلية حتى اعتراني الفرح لأنني أعرف أنه سيصاحب الصورة -كالعادة- خبر أمني مبهج يُضاف إلى جهوده الرائعة هو ورجاله الأفذاذ. وبالأمس رأيت صورة له وهو يستقبل العقيد ناصر الدوبيسي مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي وأعضاء فريق العمل الذي تمكن من إماطة اللثام عن هوية جناة كانوا السبب في مقتل أحد الإخوة الوافدين بعد أن سرقوا سيارته وتشبث بها (المسكين) حتى الموت -(فعلاً لا قولاً)- مما أدى إلى وفاته -رحمه الله- نتيجة ارتطامه بأحد أعمدة الكهرباء ومن ثم فرار الجناة بسيارة مسروقة أخرى. أقول فرحت أولاً لجود اللواء، وفرحت ثانياً لجهود العقيد الدبيسي الذي أعرف أنه شاعر رقيق ولكن الرقة فيما يتعلق بأمن الوطن تتحول هنا إلى صلابة غير معهودة لدى أي مواطن مخلص فما بالك إذا كان هذا المواطن رجل أمن مثل العقيد الدبيسي ورجاله الأبطال.

***

أما السبب الذي جعلني أفراح ثالثاً، فهو القبض على عصابة اعتادت على نمط من السرقة لم يفكر فيه حتى إبليس(!!)، وذلك لأن هذه العصابة تلجأ إلى صدم سيارة ضحيتها من الخلف - عمداً- ليترجل الضحية للتفاهم مع الصادم كالعادة، بينما يقفز أحد أفراد العصابة ليفر بالسيارة المصدومة إلى جهة مجهولة، لا سيما إذا ما عرفنا بأن السيارة غالباً ما تكون في وضع التشغيل لدى حدوث الاصطدام (المُفتعل) مما يُسهل على الجناة الفرار بها بقصد السرقة أو الاحتيال أو السطو أو (سمّها ما شئت) من أنواع الجنايات.

***

أما السبب الذي جعلني أفرح رابعاً، فهو أنني أملك الحلّ لمثل هذه الحالة (أي نعم!)، لذلك أقدم هذا الاقتراح (الحل) للعميد الشهراني ولوجه الله أولاً ومن ثم لوجه المواطن المسكين الذي يتعرض لمثل هذا الموقف العجيب. أما الاقتراح يا رعاكم الله أيها الإخوة القراء فإنني سمعت وبفضل تطور أجهزة التكنولوجيا أن ثمة جهاز يشتغل بـ(الريموت) يحدد أولاً موقع السيارة مثلما أصبح الهاتف الجوال يحدد موقع حامله، وهذا الجهاز بمقدور من يستعمله أن يخفيه في أي مكان سري في المركبة، كما أن بمقدور الجهاز إياه وما أن تختفي المركبة - إلا أن يوقفها عن التشغيل وإغلاق الأبواب بالريموت أيضاً، وحينها ما على المواطن إلا إبلاغ رجال الأمن عن موقع سيارته ليتجه معهم لاستعادتها (بسرعة) ومن ثم إلقاء القبض على (اللص) المحصور من قبل رجال الأمن لتتخذ العدالة مجراها. بالطبع سيكون المشهد كوميدياً لا سيما حينما يكون اللص يجوس خلف الزجاج بحثاً عن مخرج من هذه الورطة تماماً كما يفعل الثعلب حينما يقع في (القفص - الفخ) والذي يعرفه رعاة الأغنام أكثر من سواهم لكثرة ما يصطادون به من الثعالب التي تؤذي صغار الأغنام أكثر من غيرها من القطيع.

***

بقي أن نلفت النظر هنا إلى أن تركيب هذا الجهاز البسيط هو من مهمة مالكي السيارات أنفسهم، أما باقي المهمات فهي من مهمات رجال الأمن الذين ما عليهم سوى الحضور لاستلام هذا (الثعلب المحصور) والذي يلوب في القفص (المخملي) لوضعه في القفص (الحديدي) لدى أي مركز من مراكز الشرطة.

أما المهمة الأهم ولتحقيق هذا الاقتراح فتقع على وكالات ومعارض وموردي السيارات الذين عليهم أن يشترطوا على المصدر أن يوفر مثل هذا الجهاز في (المواتر) التي ستُشحن للمملكة بدءاً من هذا اليوم. إلا إذا أخذنا بقصة رواها ذات مرة صديقنا الكاتب المبدع عضو مجلس الشورى عبدالله الناصر والتي تتلخص بحكاية قرية ضاقت بثعلب يأكل دجاج الأهالي فما كان (من أحد رجال القرية) إلا أن أحضر قفصاً مفخخاً علق به من الداخل دجاجة حية فما أن رآها الثعلب حتى قفز فرحاً بهذا الصيد الثمين ولم يكن يفكر أن القفص قد أطبق عليه.. آنذاك لم يقتل الرجل الثعلب ليخلص القرية من شره بل عاقبه عقاباً قاسياً لا يخطر على بال الثعلب إذ علق جرساً في عنقه وأطلق سبيله ليكون هذا الجرس منبهاً لكل فريسة بقصدها هذا (الحيوان - اللص). فهل يصلح هذا الحل أيضاً ل(الإنسان - اللص) باعتباره نوعاً من الحيوانات التي تعتبر نفسها أذكى من غيرها من بني الإنسان.

***

يبقى القول أخيراً: هل يأخذ اللواء الشهراني -عافاه الله - بهذا المقترح الناجح، وهل يأخذ به المواطن قبلاً، وشركات السيارات بعداً؟ أم نعود إلى حكاية (جرس الثعلب) أم سنتساءل حينها ما هو البديل للجرس في حالة (الثعلب - الإنسان)، أم نبقى نردد (الثعلب فات، فات) وما أكثر ما كان (يفوت الثعلب) قبلاً(!!).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد