يمثل هذا اليوم في إطلالته السنوية أفقاً رحباً تطل من خلاله الأجيال على تلك اللحظات التي صاغ من خلالها مؤسس هذا الكيان ملحمة التوحيد، ورسم عبرها طريقاً كبرت فيه ملامح الوطن وازدهرت أبعاده؛ ليكون صورة مشرقة لبلاد زهت بماضيها وتزهو وتفخر دائماً بحاضرها المجيد .. وهي تحتضن قداسة الحرمين الشريفين، وتشرف بخدمتها وتعلو بعمق رؤيتها في بناء الإنسان والنهوض به لتعمر أركانها به وتتنامى أحلامها بعطائها الذي لا ينضب.
ففي هذا اليوم تتجسّد الصورة نوراً في طريق البناء وصوتاً يعبر عن أبهى لحظات العناق بين الوطن وأبنائه، وهم يستدعون ذاكرة ذلك اليوم العظيم الذي تحمله لنا تلك المنجزات التي تحققت تحت يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه - وهو ينقل برؤيته وعزيمته وحنكته، هذه الديار، من عتمة الجهل إلى نور العلم ومن مأزق الحياة والصراعات والتشرذم إلى أفق الأمان الرحب .. ويمنحه شرف النمو والتألق والتقدم في عصر جديد؛ أوجد له في فضائه المكان والمكانة وترك له البصمة التي تميزه والمعنى الذي يعترف له الجميع ببعد معانيه وعلو رموزه وتألق مضامينه، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو غيره، حتى كان قطاف ذلك اليوم بيد الجيل منجزات عذبة وثمار تنعم بها كل واجهات الوطن وتتفيأ ظلالها كل حين.
ولعلنا حينما نزف التهنئة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ... وكافة رجال الوطن ورموزه؛ إنما نزفها لكل مرحلة من مراحل البناء ولكل خطوة عبر من خلالها مؤسس هذا البناء العظيم؛ حتى أصبح على ما هو عليه الآن من مجد دافق بالخير ونابع بالازدهار .. ونزفها لكل الرجال الذين شاركوه وآزروه ولكل مواطن عاصر نهوضه ولازال، نزفها لأنفسنا ولكل الذين لازالوا يعطون ويعملون بجد؛ ليكون كما أراد له مؤسسه وكما نريده أن يكون وأن يبقى، فما أبهى يوم تتجدد فيه الذاكرة وتضاء فيه ملامحها لتنعكس بريقاً مشرقاً على الحاضر تضيئه وتدفعه إلى السمو والتميز .. وما أبهى يوم تكون فيه العزائم في أوجها ومشاعر الانتماء في أسمى معانيها .. وما أبهى يوم نكون فيه بناة حاضرين ورجالاً لا يردهم عن مواصلة بناء تلك الملحمة أي عائق!!
مدير جامعة تبوك