Al Jazirah NewsPaper Friday  23/10/2009 G Issue 13539
الجمعة 04 ذو القعدة 1430   العدد  13539
بريد الإنترنت
د. هدى بنت دليجان الدليجان *

 

للأسف فتحت يوماً بريدي الإلكتروني القديم فاستغلق علي، وطلبت العون والمساعدة فلم يتمكن الجميع من فتحه، فضاعت آلاف الرسائل الجميلة التي جمعتها، والقائمة البريدية الرائعة التي حفظتها خلال سنوات تعاملي مع البريد الإلكتروني.

ضاق صدري، وتشتت جهدي في استرجاع بريدي، فمضيت في إنشاء بريد جديد في دقائق معدودة، فاستثار عجبي، فعلمت أن هناك آلاف الأسماء مثل اسمي وآلاف الألقاب مثل لقبي، وقد حفظت جميعها بسرية تامة في ملفات البريد الإلكتروني العجيب.

واعجبا!!! فعن طريق هذه الصفحة المخصصة لي أتمكن من إرسال الآلاف من الرسائل لكل أصقاع الأرض، واستقبل آلاف الرسائل من بقاع العالم بالعربية والإنجليزية وغيرها، لتتصدر التقنية الحديثة معاملاتنا وهمومنا، فذلك العالم الافتراضي المجهول الذي يسبح في مداراته آلاف وملايين البشر بين نافع طيب وسيء خبيث، فأشاع هذا البريد سهولة التواصل بين العلماء في مؤتمراتهم واجتماعاتهم وأسئلتهم وفتاويهم واستشاراتهم وأعمالهم، ومشاركة الآخرين في تبادل التهاني في أفراحهم، وتقديم العزاء في أتراحهم.

إنه تواصل عجيب يحمل الخير لباغيه، ولا يرد الشر عن مريديه، لذا من يتعامل مع هذا البريد لابد أن يكون حصيفاً فطنا يستطيع أن يميز بين الخير والشر وما بينهما، لا يلتبس عليه الحق بالباطل، والرائد لا يكذب أهله.

لكن يشوه ذلك التواصل العالمي السريع تلك الفضائح التي تتحدث عن مآسي بريد الإنترنت بالتعارف المشبوه بين الجنسين سواء عن طريق منتديات النقاش والغرف المغلقة، والتي تحمل صورا بالغة في تصوير هشاشة القيم الاجتماعية ومأساوية الألاعيب الشيطانية وتأثيرها البالغ في المجتمع، فأي عقل لبيب يرضى بعلاقة في عالم افتراضي تنتهي بتهادي الصور الخليعة ثم مؤامرات الابتزاز الرخيصة، أو تنتهي بطعن الدين والشرف والكرامة، أو تنتهي بخسائر مادية بقمار محرم في سباق لاهث وراء جمع المال، أو خيبة تعلم العلم الأزرق والأخضر والأصفر ومعرفة السحر والشعوذة والكهانة، أو المساعدة في نشر أفكار قاتلة وأوهام باطلة من فئة ضالة مشبوهة في أفكارها ومعاملاتها،

فأي بريد هذا البريد؟

فهذا البريد يحصل عليه الصغير والكبير ويفتح حساباته بأسماء رنانة وألقاب متنوعة، حتى رأيت أسماء غريبة وألقاباً جميلة ومعاني رائعة، لكن أين الحقيقة؟

فأعتقد أنه يجب توجه المجتمع لدراسة ظاهرة البريد الإلكتروني ومنافعه ومخاطره، وإن تكون حصص النشاط اللامنهجي في المدارس والمعاهد بالتعريف بهذا البريد الإلكتروني ومحاسنه الجميلة، وأهدافه الرائعة، وبالمقابل أخطاره وأضراره على الدين والعقل والعافية والأسرة والوطن والمجتمع.

وأن يحرص المربون ذكوراً وإناثاً على التعامل مع أطفالهم وطلابهم عن طريق هذا البريد وتوسيع مشاركاتهم العلمية في البريد وفتح أبواب النقاش الجميل والحوار اللطيف في هذه الغرف المغلقة ليتبدل الضرر بالنفع العميم، وتعويد الناشئة على التعامل الأمثل مع هذا البريد، وكيفية الرد على الرسائل الخطرة والضارة.

فالبريد الذي أغلق لن يفتح ما لم تعرف إجابة الأسئلة الكثيرة التي سجلتها في يوم ما!

والنفوس المنغلقة لن تفتح إلا عن طريق النقاش الهادئ والحوار اللطيف!!

والرسائل الضارة لن يتخلص منها البريد الإلكتروني إلا بمعرفة ماهيتها، وكيفية التعامل معها بكل شفافية ووضوح.



drhuda87@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد