يترقب الإيرانيون وكل المهتمين بالشأن الإيراني ما ستؤول إليه مواجهة ظهر اليوم بين الطلاب الإيرانيين والسلطات الإيرانية التي حشدت مجاميع الباسيج والحرس الثوري والشرطة وأنصار نظام ولي الفقيه لإجهاض تظاهرات يوم الطالب الإيراني المقرر أن تنطلق بعد صلاة ظهر اليوم الاثنين. ويوم الطالب في إيران يعد مناسبة وطنية طلابية؛ إذ يحتفل الطلبة الإيرانيون من كل عام في السابع من ديسمبر إحياءً لذكرى مقتل ثلاثة طلاب عام 1953 في طهران بعد قيام شرطة نظام الشاه بقمع مظاهرة مناهضة لزيارة الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون بعد بضعة أشهر على نجاح المخابرات الأمريكية في إعادة الشاه للحكم وإفشال ثورة محمد مصدق.
وقد اعتاد الطلبة الإيرانيون تنظيم تظاهرات لإحياء هذه الذكرى الوطنية التي تعد من المواعيد المهمة في تاريخ الحركة الطلابية الوطنية، حيث يتجمع الطلاب في باحات الجامعات والساحات المحيطة بها، وهذا العام دعت القيادات الطلابية إلى تظاهرات تنطلق بعد صلاة الظهر كالعادة كل عام، إلا أن شرطة إيران وجهت تحذيرات ضد ما أسمته بأي تجمع غير قانوني، وتم بعد إعلان التحذير نشر مجاميع الباسيج ورجال الشرطة في المناطق المحيطة بالجامعة، ورفع الحرس الثوري درجة تأهبه مهدداً بمواجهة من يحاولوا استغلال المناسبة للتنديد بالنظام.
المعارضة الإصلاحية لا تترك أية مناسبة للاستفادة منها لإظهار غضب الإيرانيين فيما يسمونه بسرقة إرادة شعب وتزوير انتخابات الرئاسة، وقد رصد المتابعون للشأن الإيراني بأن المعارضة الإصلاحية بدأت تحركاتها منذ وقت الإعداد لهذه المناسبة الطلابية المهمة؛ كون الطلاب هم أكثر الشرائح تأييداً للإصلاحيين وأكثرهم تعرضاً للقمع والإيذاء من قبل الباسيج والحرس الثوري. فقد حاول القائمون على الحركة توظيف غضب الطلبة وتفجيره في واحدة من أهم مناسبات الطلبة ولذلك فقد امتلأت المواقع الإلكترونية المقربة من المعارضة الإصلاحية بدعوات تحث على التظاهر ودعوة السكان إلى المشاركة في هذا اليوم في محيط الجامعات الرئيسة، ودعت الطلبة إلى التظاهر والاعتصام داخل الجامعات وأماكن الإقامة، وقد وقَّع مئات الطلاب (عرائض) موجهة إلى زعماء المعارضة الإصلاحية -مير حسين موسوي ومهدي كرمزي- للمشاركة في احتفالات التضامن مع الطلبة بدءاً من ظهر اليوم الاثنين.
وهكذا فإن مسرح المواجهة مهيأ من جديد لصدام قوي بين النظام والمعارضين الإيرانيين الذين لا يقتصرون على الإصلاحيين والمتضررين من انتخابات الرئاسة الأخيرة، بل هناك أعداد كبيرة ممن يعارضون نظام ولاية الفقية الذي أعاد حكم القرون الوسطى وأشاع البغضاء والكراهية في أوساط المجتمع، فضلاً عن تفشي ظواهر القمع والاستبداد التي فاقت في أساليبها ما كانت تقوم به أجهزة القمع في عهد الشاه.
jaser@al-jazirah.com.sa