الجزيرة - حازم الشرقاوي
وصف أكاديميون ومختصون ميزانية المملكة في 2010 بأنها قياسية من كافة الأصعدة سواء كانت من حيث الضخامة أو الإنفاق أو حتى العجز، متوقعين أن يمثل القطاع غير النفطي 50% من الميزانيات العامة للدولة مع نهاية خطة التنمية المقبلة.
ففي البداية وصف الدكتور فهد السلطان الأمين العام لمجلس الغرف السعودية الميزانية بأنها إيجابية بمقياس مستوى الإنفاق حيث سجلت أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، مشيرا إلى أنها ستسهم في تحسين البيئة الاستثمارية في المملكة وتعزز معدلات النمو في كافة القطاعات وخاصة قطاع الأعمال، فضلا عن مساهمتها في تخفيض الدين العام بنسبة معقولة.
كما أكد الدكتور إبراهيم فهد الغفيلي رئيس مركز الريادة للاستشارات الاقتصادية فقد وصف ميزانية العام المقبل بأنها قياسية سواء من حيث الإنفاق 540 مليار ريال فهي أضخم ميزانية في تاريخ المملكة، وسجلت رقم قياسي من الإيرادات 470 مليار ريال، ورقم قياسي في العجز 70 مليار ريال.
وقال أفضل وصف لهذه الميزانية هو أنها ميزانية الأرقام القياسية، مشيرا إلى العجز ظهر بهذا الرقم 70 مليار ريال نظرا لأن وزارة المالية عادة تضع أسعار النفط في حدود متحفظة.
بينما يرى الدكتور محمد الهذلول أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود أن زيادة الإنفاق في الميزانية ستؤتي بثمارها على الفرد والمجتمع بعد اكتمال المشاريع والبنية التحتية عندما تتحول إلى واقع يستفيد منه المواطن.
وألمح الخبير العقاري الدكتور عبدالله المغلوث أن الميزانية بضخامتها ستسهم في تحريك النشاط العقاري في المملكة من خلال المشروعات الكبرى التي تنفذ حاليا حيث سيسهم في زيادة الحركة التجارية والتصنيعية لمواد البناء مما يؤثر إيجابا على السوق العقاري في البلاد.
القطاع غير النفطي
توقع السلطان استمرار النمو في القطاع غير النفطي الذي شهد ارتفاع في معدلات نموه خلال الخمس سنوات الماضية مشيرا إلى هذا القطاع – عادة- يتأثر باقتصاديات العالم، سواء كانت في حالة ازدهار أو أزمات.
وقال السلطان: إن بدء تطبيق الإستراتيجية الصناعية من 2010 ستسهم في زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي، وكذلك طرح المشاريع الجديدة المقدرة بـ400 مليار دولار التي أعلن عنها في قمة العشرين التي شاركت فيها المملكة.
وتوقع الغفيلي أن تسهم ميزانية الدولة في دفع القطاعين الخاص والعام في زيادة نموه نظرا لارتفاع معدلات الإنفاق على المشاريع في هذه الميزانية، مشيرا نجاح الاقتصاد السعودي في امتصاص الأزمة المالية العالمية وأزمة دبي، حيث لم يشهد نموا أثناء الأزمة وفي الوقت ذاته لم يشهد انكماشا.
وتوقع الغفيلي أن يشهد 2010 زيادة في معدلات التصدير للدول التي تشهد نمو مثل الصين والهند وتزداد مشاركة القطاع الخاص في العمليات التصديرية، مشيرا إلى أن قطاع الخدمات مثل السياحة والمساندة للقطاع الصناعي سيشارك في عمليات النمو بالقطاع غير النفطي.وأكد الغفيلي أن التوازن بين القطاع النفطي وغير النفطي سيشهد نوع من التوازن في الميزانيات القادمة بحيث يمثل كل منهما 50% من نهاية خطة التنمية المقبلة.
وأكد الدكتور الهذلول على أهمية تنويع مصادر الدخل في المملكة من خلال الدخول مع شركات عالمية في تحويل النفط الخام إلى صناعات بترو كيماوية وتحويلية، بحيث يعتمد جزء من الميزانية على الصناعات التحويلية التي تؤدي توفير قيمة مضافة للمنتج الخام الذي يستخرج من المملكة، مشيدا بما قامت به أرامكو من جهود في تنويع المنتجات النفطية.
بينما يرى الدكتور عبدالله المغلوث أن تنويع مصادر الدخل سيكون بمزيد من تخصيص المشروعات الحكومية وخاصة قطاع الطيران والموانئ، مؤكدا أن هذين القطاعين ستتحول من قطاعات تنفق عليها الحكومة إلى واحدة من مصادر الدخل للحكومة بعد تخصيصها، مؤكدا أن عمليات التخصيص تسهم في إزالة كافة الأعباء المالية عن الحكومات.
المملكة من اكبر اقتصاديات العالم:
وذكر السلطان هنا أن المملكة واحدة من بين اكبر 20 اقتصاد في العالم ويعود ذلك لكونها تمثل رقم 16 عالميا من حيث الناتج المحلي، ومن أقل الدول في العالم من حيث الدين العام، وارتفاع معدلاتها التصديرية، وتحسن البيئة الاستثمارية، وكونها تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، علاوة على الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تشهده.
وذكر الغفيلي مدلولات وجود المملكة ضمن أكبر 20 دولة في العالم كونها تمثل أكبر احتياطي نفطي في العالم، وأكبر منتج للبتر وكيماويات في الشرق الأوسط، فضلا عن الثقل السياسي والاستقرار الاجتماعي وكذلك حرص المملكة على إيجاد نوع من التوازن بين أسعار النفط حيث تؤمن المملكة بالسياسة الحكيمة التي تقوم على أنه «لا ضرر ولا ضرار» مشيرا إلى المملكة تعد دولة متقدمة في الدول النامية من حيث التعليم والصحة والرفاهية فضلا عن أنها قبلة 1,2 مليار مسلم في العالم.
ويتفق الدكتور عبدالله المغلوث مع سابقيه بأن مكانة المملكة اقتصاديا وسياسيا ساعدتها لتكون واحدة من أكبر اقتصاديات العالم ودلل على ذلك بأن الشركات الأجنبية وجدت مناخا خصبا للاستثمار في المملكة، فضلا عن كونها شريك تجاري رئيسي لعدد من الدول الكبرى في العالم.
رأس المال البشري
وألمح السلطان إلى إن تخصيص 25% من الميزانية على التعليم والتدريب تهدف إلى الاهتمام بالإنسان من خلال توفير رأسمال بشري قادرا على قيادة التنمية في البلاد، موضحا أن الإنسان هو محور التنمية، والعمود الفقري لها لهذا حصل قطاع التعليم والتدريب على نصيب الأسد من الميزانية.
وقال الغفيلي: إن تخصيص رقم ضخم في الميزانية على التعليم والتدريب يعود إلى أن 60% من شعب المملكة من الشباب وهم الثروة الحقيقية للمملكة، حيث ستسهم في تأهيل وتدريب هؤلاء الشباب لإتقان مختلف فنون ومهارات التي يحتاجونها للعمل في المملكة.
أما الدكتور محمد الهذلول فيرى أن ميزانية هذا العام ركزت بصورة ملحوظة على زيادة الإنفاق على العنصر البشري مشيرا إلى أنه ذلك يعود إلى استمرار النهج في تأهيل وتدريب الكوادر البشرية في المملكة بحيث يكونوا فاعلين في المجتمع، كما تسهم في زيادة إنتاجية الفرد وتوفير أعمال جديدة.
أما الخبير العقاري الدكتور عبدالله المغلوث فيرى أن الإنسان هو ثمرة الزراعة في المجتمع، مشيرا إلى أن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي لأي دولة مؤكدا أن تخصيص 25% من الميزانية على التعليم والتدريب تأتي في إطار النهج القويم الذي تقوم به حكومة المملكة.