في غارتي الثانية على معرض الكتاب غنمت كتبا كثيرة أميزها كتاب عبد العزيز الخضر (السعودية سيرة دولة ومجتمع) وكتاب علي الرباعي (الصحوة في ميزان الإسلام).
تكمن أهميتهما بأنهما يوثقان ويعبران عن مرحلة جد مؤثرة في وعينا الثقافي، بانتصاراتها وصراعاتها وخذلانها لأحلام اليفاعة والشباب الطازجة.
من حق المؤلف أن يقرأ الأحداث قراءة تخصه وتعبر عن رؤيته للمرحلة، وليس لأحد الحق في الاعتراض عليه فهو لم يتدخل في الشأن الخاص لأي من الشخصيات بل كان رصده منطلقا من الشأن العام والتأثير فيه.
أعتبر كتاب الخضر مهما جدا لجيلنا الذي فتح عينيه الثقافيتين في نهاية الثمانينيات وذهبت أحلامه التنويرية نحو مدفن عظيم كان يدعي أنه الخلاص الوحيد لها، استلب حتى قصائدنا الوردية من دفاترنا وكمم صوت العصافير التي كانت تفرفر في قلوبنا، المصيبة الأعظم أنك كدت تتحول بفعل التعبئة المبرمجة إلى مصدر للتعاسة لمن حولك!
كتب الخضر بحبره الخاص ولم يدع أنه مؤرخ وحتى المؤرخين تتدخل نظرتهم الخاصة، أعتبر خطونه فاتح شهية لكتاب آخرين سيدونون وجهات نظرهم بما مر به المجتمع من تحولات تماما مثلما فتحت رجاء الصانع شهية السرد عند السعوديين.
أصل علي الرباعي للصحوة وكشف وقد كان من المحسوبين عليه منطلقاته ورؤيته وأهدافه وبعض الملفات المغلقة التي لم يكن من المسموح فتحها.
يشير الكتاب من عنوانه إلى قراءة محاكمية تستعيد مرحلة مفصلية غيرت خريطة الثقافة السعودية إبان صدور كتاب عوض القرني (الحداثة في ميزان الإسلام) في منتصف الثمانينيات.
لأننا في مرحلة إصلاح حقيقية وشفافية مقبولة فلابد أن نرحب ونشجع بقراءات وتفسيرات وتحليلات متنوعة لخطاباتنا واختلافاتها وحراكها وتناميها في العشرين سنة الماضية. نحن بحاجة ماسة إلى ما يشبه التطهير لجراحاتنا لنساعد أبناءنا كي يصيغوا أحلامهم في مناخ أفضل أكثر سماحة واستيعاب لريش أمانيهم التائق لحياة أجمل.
شكرا للكاتبين وشكرا لمعرض الكتاب الذي يهبنا في كل عام مغانم عظيمة.