جمال هذه الليلة بسماع وقع المطر على نافذتي، جعلني أنادي بصوت كساه الفرح: ما أعذب الحديث عن المطر، ولياليه المبللة بحباته، فأهلا به حين أشم رائحته، وأهلا به حين أصور قطرته.
إلا أن الفرحة - أيضا - لا تسعني، وأنا أتابع توصيات فعاليات « المؤتمر الإسلامي الأول «، الذي عقد في المنامة - قبل أيام - في وقت حساس للغاية ؛ لمناقشة الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة، وأثرها في العالم الإسلامي، حيث لم تكن المدة الفاصلة بين مؤتمري « نيويورك « العالمي، المعروف بمؤتمر « بكين - 15 «، الذي عقد في شهر مارس - الماضي -، ومؤتمر المنامة سوى « 31 « يوما فقط. ومع هذا فقد أثار مؤتمر المنامة جدلا كبيرا قبل انعقاده، وبدل أن ينتظر مسؤول أممي نتائج المؤتمر، إلا أنه أطلق عليه رصاصة الاتهام، ووصفه ب « التخلف والرجعية « في صورة غير حضارية - للأسف -، تتمثل في مصادرة الحق في التعبير، واستماع الرأي الآخر.
كان من أبرز توصيات فعاليات المؤتمر: التأكيد على الالتزام بالمرجعية الإسلامية في التعامل مع قضايا المرأة، ومطالبها، ومشكلاتها. ورفض كل الاتفاقات والمواثيق التي تخالف الشريعة الإسلامية، ولا تتفق مع فطرة المرأة، أو تهدف إلى إلغاء الفوارق الفطرية بين الرجل و المرأة، أو تهدد كيان الأسرة. ومن ثم فإن الدعوة إلى إلغاء ثقافات الشعوب عبر المؤتمرات والاتفاقيات الدولية وحضاراتهم ودياناتهم، كفرض النموذج الغربي القائم على الإباحية في العلاقات الاجتماعية، وفتح الباب على مصراعيه للعلاقات الجنسية، وإطلاق الحرية التامة للحمل خارج إطار الزواج، والإجهاض، وإباحة زواج المثلين، وهدم الأسرة بأركانها الفطرية. أو بعبارة أخرى يمكن أن يستعاض عما سبق، بأن يجعل من الأخلاق فوضى، ومن الفاحشة شيوعا وذيوعا. هذا يؤكد على أن احترام خصوصية الشعوب، والتحذير من خطورة إكراه الشعوب على اختلاف هويتها، مطلب مهم - ولاشك - . خذ على سبيل المثال: فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق حتى هذه اللحظة على اتفاق التمييز ضد المرأة، إضافة إلى قضايا الأحوال الشخصية، ومنها: تحديد النسل، معتبرة ذلك نوعا من التدخل في شؤونها الداخلية. وهذا يدل بكل وضوح، على أن ما تنادي به الولايات المتحدة الأمريكية عبر هذه الاتفاقيات، وتلزم به جميع الدول لا تصادق عليه، لكونه يتعارض مع ثقافتها.
أجمل ما في الوثيقة التي وقع عليها المشاركون - وكله جميل -، هو: التأكيد على حقوق المرأة متزامنة مع واجباتها المقررة في الشريعة الإسلامية. وهذا خلاف الاتفاقات الدولية السابقة التي أقامتها الأمم المتحدة والتي أثرت سلبا على توجهات المجتمعات الثقافية والأخلاقية، حين ركزت على حقوق المرأة فقط، دون التطرق إلى واجباتها.
بقي أن أؤكد على كلام رئيس « مركز باحثات المرأة « - الدكتور - فؤاد العبدالكريم، حين أوضح: « أن هذه الصياغة للعالم العربي والإسلامي، وحين ترسل إلى الغرب لن تكون بهذه الصيغة «. وهذا مسلك مهم، من أجل أن تصل دعوتنا إليهم بحكمة وهدوء وموعظة حسنة ومنطق قوي. فعماد العلاقة بين الأمم، هو: احترام الحريات، والتعايش السلمي، والتفاعل الإيجابي.
drsasq@gmail.com