Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/04/2010 G Issue 13722
السبت 10 جمادى الأول 1431   العدد  13722
 
مجداف
علاقة «القاعدة» بتجارة المخدرات وغسل الأموال
فضل بن سعد البوعينين

 

كشف المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي عن تمكُّن الأجهزة الأمنية من إحباط تهريب وترويج كميات من الهيروين النقي والحشيش المخدر وأقراص الكبتاجون، والقبض على 159 متورطاً في عدد من العمليات الأمنية التي تمت في بعض مناطق المملكة. أكثر من 8 ملايين قرص كبتاجون و2.7 طن حشيش و20 كيلو هيروين نقي، تقدَّر قيمتها الأولية بـ300 مليون، هي حصيلة العمليات الأمنية الموفقة.

اللواء التركي أشار إلى علاقة تنظيم القاعدة بتجارة المخدرات وغسل الأموال، وأكد، في مؤتمره الصحفي، أن «علاقة تنظيم القاعدة بتهريب المخدرات ثبتت ليس في المملكة فقط، وإنما لدى الأجهزة الأمنية في مختلف دول العالم، وكل التقارير المعترف بها تؤكد أن التنظيم يعاني ضائقة مالية ومشكلات، ولم يعد باستطاعته جمع الأموال والمبالغ الكبيرة كما في السابق؛ ولذلك يلجأ إلى هذه النشاطات لتوفر له دخلاً».

كنت أشرت صراحة إلى علاقة تنظيم القاعدة بتجارة المخدرات وغسل الأموال منذ سنوات من خلال برنامج «صناعة الموت» في قناة العربية، وبعض المقالات المتفرقة في أكثر من مطبوعة. لم يكن لبعض الناس، أو ربما المجتمع السعودي، على استعداد لتقبل مثل ذلك الطرح في حينه، وقد واجهت بعض ردود الأفعال السلبية التي لم تغير من قناعاتي الخاصة. تعاملت وزارة الداخلية بحكمة وتعقل في تعاملها الإعلامي فيما يخص الجماعات الإرهابية، وعلاقتها بتجارة المخدرات، فالمجتمع ربما احتاج إلى وقت لاستيعاب مثل تلك الوقائع المُثبتة التي ما زال بعض المتشددين يتحفظون حيالها!. أعتقد أن هدف زعزعة المجتمع وتدميره هو الرابط الرئيس بين الجماعات الإرهابية وجماعات تهريب المخدرات. عندما تلتقي الأهداف يمكن للجماعات المتنافرة أن تتمازج في بوتقة واحدة، وهو ما أكدته الأحداث الأخيرة على الحدود السعودية اليمنية التي كشفت عن التعاون الوثيق بين الجماعات الإرهابية، تجار المخدرات وغسل الأموال، ووكالات الاستخبارات الأجنبية المحركة لتنظيم القاعدة، إضافة إلى العمليات الاستباقية الناجحة التي نفذتها وزارة الداخلية وكشفت عن علاقة القاعدة بتجارة المخدرات وغسل الأموال.

اللواء التركي أكد أن: «شبكات الجريمة في العالم منظمة وكبيرة وذات مخططات متطورة»، وهو أمر ربما غاب عن عقول كثير من المواطنين الذين لم يستشعروا خطورة تجارة المخدرات، غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، بعد. الجماعات الإرهابية باتت أكثر تمرسا في عمليات التهريب وغسل الأموال، ونجحت في بناء علاقات دولية مع شبكات الجريمة المنظمة حول العالم. كشف تقرير سري للإدارة الأمريكية، نشرته وكالة «رويترز»، عن قيام «منظمة القاعدة بتهريب السلاح والمخدّرات عبر رحلات جويّة عابرة للقارات بين أمريكا الجنوبية وإفريقيا»، وكشفت الوكالة عن أن تلك «العمليات، التي تشكل تهديدًا للأمن العالمي، تتم بالتعاون مع شبكة مخدرات دوليّة».

ألكسندر شميت الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لغرب ووسط إفريقيا، المعني بالمخدرات والجريمة، حذَّر من اتساع شبكة طيران تنظيم القاعدة خلال العام 2009، ورجح شمول الشبكة على طائرات من طراز بوينغ 727. ويضيف شميث: «عندما يكون لديك هذه القدرة العالية لنقل المخدرات إلى غرب إفريقيا فهذا يعني أن لديك القدرة على نقل السلع الأخرى بشكل جيد؛ لذلك هو بالتأكيد تهديد للأمن في أي مكان في العالم».

اعترضت البحرية المكسيكية العام 2008 غواصة محملة بالمخدرات قبالة سواحل المكسيك، وهو ما يؤكد القدرات الضخمة التي تملكها مافيا المخدرات حول العالم. التقارير المعلنة تؤكد أن المهربين الكولومبيين يضطرون إلى استخدام غواصات، تستخدم لمرة واحدة وتصنع من الألياف الزجاجية؛ للوصول إلى السوق الأمريكية، وعلى علاقة بتهم الإرهاب، وتهريب المخدرات في أمريكا الجنوبية، تم تسليم ثلاثة من غرب إفريقيا متهمين بصلاتهم بتنظيم القاعدة إلى نيويورك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

لم يعد أمر علاقة تنظيم القاعدة بجرائم تهريب المخدرات وغسل الأموال مدعاة للشك بعد ظهور المعلومات الموثقة، والقرائن التي لا تحتمل النقض في بعض دول العالم ، ومنها ما أُعلن عنه مؤخرا في السعودية، وهو ما يكشف اللثام عن وجه القاعدة القبيح، وأهدافهم التدميرية الموجهة ضد الإسلام والمسلمين.

في الغالب، يسعى تجار المخدرات إلى تحقيق الكسب المادي، ويبحث زعماؤهم المحليين عن طرق آمنة لإدخال أموال المخدرات في القطاع المصرفي، وإعادة تحويلها، أو تهريبها إلى الخارج، في الوقت الذي يبحث فيه تنظيم القاعدة عن التمويل المالي نظير ما يقدمه من مساعدة في إيصال المخدرات وغسل الأموال. حاجة الجماعات الإجرامية لبعضها البعض يسرت أمر اتفاقها وتعاونها ومن ثم اندماجها، إن صح التعبير. قد تختلف الأهداف الضيقة لتلك الجماعات الإجرامية إلا أنها تتفق في أهدافها العامة، وأهداف القيادات العليا التي تحركها المصالح الخارجية وعلاقاتها المشبوهة بالاستخبارات الأجنبية.

تدمير المجتمع السعودي بالمخدرات، استهداف الشباب والمراهقين من الجنسين، زعزعة الأمن، تفكيك وحدة الوطن هو الهدف الرئيس الذي وضعت له الاستراتيجيات طويلة المدى، والذي تشرف على تنفيذه القيادات العليا الموجهة لجماعات القاعدة، وعصابات تهريب المخدرات وترويجها في الداخل، وهو الأمر الذي يجب على المجتمع التنبُّه إليه ومواجهته بكل حزم وقوة، وفضح كل مَنْ تسوِّل له نفسه مد يد العون إلى تلك الجماعات الإجرامية، وأخيرا حماية الوطن من المخططات المشبوهة التي تحاك له في الخارج وتنفذ بأيدي بعض أبنائه الضالين عن سواء السبيل.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد